أثار لجوء الولايات المتحدة للمرة الثالثة إلى إشهار “الفيتو” ضد مشروع قرار لوقف عاجل لإطلاق النار في غزة على أساس إنساني تنديدا فلسطينيا و استنكارا دوليا.
وعلى الرغم من الضغط الدولي على واشنطن لتقليص دعمها لإسرائيل، استخدمت الولايات المتحدة مجددا حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق نار “فوري” في غزة، لتطرح نصا بديلا يدعو إلى هدنة مستقبلية مشروطة.
مشروع القرار الذي كان يدعو إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار على جميع الأطراف احترامه”، نال 13 صوتا مؤيدا مع امتناع المملكة المتحدة ومعارضة الولايات المتحدة التي استخدمت حق النقض (الفيتو) للمرة الثالثة منذ العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور إن “الرسالة الموجهة اليوم إلى إسرائيل باستخدام حق النقض هي أنها تستطيع الاستمرار في الإفلات من العقاب”، منددا بفيتو “غير مسؤول وخطير” يحمي مجددا إسرائيل.
ونددت حركة حماس الثلاثاء بالفيتو الأميركي، واصفة إياه بأنه “ضوء أخضر” لإسرائيل لارتكاب “مزيد من المجازر”.
وقالت الحركة في بيان “هذا الفيتو يخدم أجندة الاحتلال الإسرائيلي ويعرقل الجهود الدولية لوقف العدوان ويزيد من معاناة شعبنا”.
من جهته قال السفير الجزائري عمار بن جامع الذي عمل على صوغ مشروع القرار مدى أكثر من ثلاثة أسابيع، إن “أخطاء اليوم ستدفع منطقتنا وعالمنا ثمنها غدا”.
ويرفض النص الجزائري “التهجير القسري للمدني ين الفلسطيني ين”، في حين تحدثت إسرائيل عن خط ة لإجلاء المدني ين قبل هجوم بر ي محتمل في رفح حيث يتكد س 1,4 مليون شخص في جنوب قطاع غزة، ودعت إلى إطلاق سراح جميع الرهائنكان النص الجزائري
ومن جهتهما نددت روسيا والصين بالفيتو الأميركي، في حين أعرب أعضاء آخرون في المجلس على غرار فرنسا ومالطا وسلوفينيا وسيراليون عن أسفهم لموقف الولايات المتحدة.
وقال السفير الفرنسي نيكولا دو ريفيير إن “الخسائر البشرية والأوضاع الإنسانية في غزة لا تطاق والعمليات الإسرائيلية يجب أن تتوقف”.
من جهته اعتبر السفير السلوفيني أن هجوما بريا على رفح “سيودي بنا إلى طريق اللاعودة”، وأضاف “من واجبنا أن نتحرك قبل أن نستفيق وسط كابوس”.
وارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 29195 منذ بدء الحرب أغلبهم من النساء والأطفال.
وكانت الولايات المتحدة قد حذرت من أن النص الجزائري غير مقبول.
وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد “أتفهم رغبة المجلس بالتحرك بصورة عاجلة (…) لكن هذه الرغبة يجب ألا تكف نظرنا عن الواقع على الأرض، ولا يمكن أن تقوض السبيل الوحيد، وأكرر، السبيل الوحيد إلى السلام الدائم”، معتبرة أن تبني مشروع القرار هذا لو حصل لكان عملا “غير مسؤول”.
وتخشى الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لإسرائيل، من تداعيات على المفاوضات الدبلوماسية الشاقة للتوصل إلى هدنة تشمل الإفراج عن مزيد من الرهائن.
في هذا السياق عرضت الولايات المتحدة مشروع قرار بديلا اطلعت عليه فرانس برس، ينص على “وقف مؤقت لإطلاق النار في غز ة في أقرب وقت” على أساس “صيغة” تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن.
ويعبر المشروع الأميركي أيضا عن القلق بشأن رفح، ويحذر من أن “هجوما بريا واسع النطاق يجب ألا يشن في ظل الظروف الحالية”.
وقال مسؤول أميركي كبير الاثنين “لا نستعجل التصويت على مشروعنا”، مشيرا الى عدم وجود “مهلة” لذلك.
ويتساءل البعض عن هدف الولايات المتحدة من نصها.
وقال مصدر دبلوماسي طالبا عدم كشف هويته “في الوضع الراهن، لا يمكن للمشروع ان يمر”، لافتا الى “مشاكل” عدة تتصل خصوصا بالصيغة التي يتضمنها حول وقف إطلاق النار، اضافة الى خطر الفيتو الروسي.
وفي كل الأحوال، فإن مشروع القرار الأميركي “سيثير استياء إسرائيل. فالولايات المتحدة تستخدم مجلس الأمن منصة لإظهار حدود صبرها في مواجهة الحملة الإسرائيلية”، وفق ما قال ريتشارد غوان، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس.
ويشهد مجلس الأمن منذ سنوات انقساما كبيرا بشأن النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، وتمكن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر من تبني قرارين فقط حول هذه القضية، طابعهما انساني اساسا.
عن (ا ف ب) بتصرف