ثقة تيفي.
دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى العمل على وضع حد لزواج الطفلات بالمغرب، إعمالا للمصلحة الفضلى للطفل، الأمر الذي بإمكانه الانعكاس على مسار النهوض بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
و أكد ضمن رأيه الذي أعده عقب إحالة من مجلس النواب، أن الاســتمرار فــي تزويــج الفتيــات القاصــرات (الطــفلات) رغــم مــا يترتــب عنــه مــن انعكاســات ســلبية علــى أوضــاع هــذه الشــريحة الهشــة، يوجــد فــي صلــب المقتضيــات التــي ينبغــي مراجعتهِــا فــي هــذا الصــدد.
وتأتــي إحالة الرأي المعنون بـ “زواج الطفلات وتأثيراته الضارة على وضعهن الاقتصادي والاجتماعي”، فــي ســياق النقــاش العمومــي والمشــاورات التشــاركية المؤسســاتية والموســعة التــي تشــرف عليهِــا الهِيئــة المكلفــة بمراجعــة مدونــة الأســرة، تبعــا للتعليمــات الملكيــة الســامية.
وأشار المجلس، إلى تحول زواج القاصر بالمغرب إلى قاعدة عوضا عن استثناء لحالات معزولة وفقا لما نصت عليه أحكام المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة، مشيرا إلى أن عــدمَ تحديــد طبيعــة مصلحــة الطفــل ومبــررات قبــول هــذا النــوع مــن الــزواج، أعطــى لقاضــي الأســرة ســلطة واســعة لتأويــل وتطبيــق القاعــدة القانونيــة.
وأعطى المجلس مثلا عن ذلك بسنة 2022 التي شهدت “إبرام حوالي 12 ألفا و940 عقد زواج بالقاصر، وهو رقم يظل بالمناسبة أقل من الرقم الحقيقي”، إذ أن الإحصائيــات لا تتضمــن حــالات الــزواج غيــر الموثــق (زواج الفاتحــة وغيــره).
ووفق المعطيات الرقمية، ففي عام 2022، شكلت طلبــات الإذن بــزواج قاصريــن فتيــان 4 بالمائــة فقط، مــن مجمــوع طلبــات الإذن بــزواج القاصريــن، مقابل 96 فــي المائــة تهــم الفتيــات.
و أوصى المجلس في رأيه، بوضع نظام معلوماتي لتقييم التقدم المحرز في مجال القضاء على “تزويج الطفلات”، مع مراعاة النظام للمعطيات المتعلقة بالحالات المحتملة لزواج وطلاق الطفلات، ودعاوى ثبوت الزوجية المتعلقة بالفتيات، وحالات الزوجات القاصرات المهجورات، والعنف الزوجي والأسري ضد الزوجات القاصرات.
وجاء ضمن التوصيات، إدراج تزويج الطفلات عبر عقود “الكونطرا” ضمن مُشملات القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر التي ينبغي تجريمها ومكافحتها، هذا إلى جانب تشجيع النقاش العمومي وتطوير التفكير الجماعي المتعلق بالقضايا الاجتماعية التي تخص الزواج والسلامة الجسدية.
كما اقترح العمل على بلورة تقرير سنوي تقدمه السلطة الحكومية المكلفة بالطفولة أمام اللجان المعنية بمجلسي البرلمان، حول تطور وتيرة تزويج الطفلات والتدابير المتخذة في إطار السياسات العمومية ذات الصلة بالحد من أسباب اللجوء إلى هذه الممارسة.
وضمن المقترحات أيضا، أوصى المجلس بتخصيص مقتضى قانوني في مدونة الأسرة المقبلة يتعلق بمبدأ المصلحة الفضلى للطفل، مع تعريف هذا المبدأ وتحديد كيفيات تطبيقه بشكل يسمح بضمان السلامة البدنية والنفسية والمعنوية والروحية الشاملة للطفل وتعزيز كرامته الإنسانية.
و استشهد المجلس في رأيه بمجموعة من التقارير الوطنية التي تكشف مدى تأثير الزواج المبكر على الصحة الجسدية والنفسية للطفلات، مؤكدا أنه يؤدي إلى تضييق الآفاق المستقبلية للقاصر، حيث يساهم في إقصاء المعنيات به من منظومة التربية والتكوين، مع تقليل نسبة مشاركتها في الدورة الاقتصادية داخل المجتمع، حيث يبقى مستوى النشاط لديها أقل مقارنة مع المتزوجة بعد 18 سنة.
وحســب تقريــر حــول «الآثــار الاقتصاديــة لــزواج القصــرات» أنجــزه البنــك الدولــي والمركــز الدولــي لبحــوث المرأة عام 2017، فــإن الــزواج المبكــر ســيكبد البلــدان الناميــة آلاف الملاييــر مــن الــدولارات بحلــول ســنة 2030.
ونبه المصدر ذاته، إلى تعرض القاصرات من الزيجات بشكل كبير للعنف الأسري والزوجي والجسدي والنفسي كذلك، الأمر الذي تنتج عنه أضرار جسدية ونفسية لديهن، حيث تصل إلى درجة الحرمان من الحرية والتعرض لاضطرابات القلق والاكتئاب.
وأجمل المجلس توصياته بشأن معالجة إشكالية تزويج القاصرات، من خلال ثلاثة مداخل؛ أولها عبر ملاءمة الإطار القانوني مع النص الدستوري والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة، ثم العمل على التنفيذ المندمج للسياسات والإجراءات العمومية التي تستهدف محاربة الممارسات الضارة بالأطفال، إلى جانب ضرورة وضع نظام معلوماتي لرصد التقدم المحرز في مجال القضاء بخصوص تزويج الطفلات.