تسابق الدول الزمن من أجل إدخال المساعدات الغذائية إلى سكان غزة الذين يعيشون في ظل عملية تجويع جماعي ممنهج يفرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين مند بدء عدوانه الشامل على القطاع في الثامن من أكتوبر.
ميناء أمريكي مؤقت
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس بأن جيشه سينشئ ميناء مؤقتا في غزة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في عملية مهمة تأتي في ظل عرقلة إسرائيل تسليمها.
ولدى إعلانه عن المبادرة في خطاب حال الاتحاد السنوي، ناشد بايدن إسرائيل السماح بإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر وإن دافع عن عمليتها العسكرية ضد حماس.
وقال بايدن خلال جلسة مشتركة للكونغرس “الليلة، أوج ه الجيش الأميركي لقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت في البحر الأبيض المتوسط على ساحل غزة يمكنه استقبال سفن كبيرة محم لة بالغذاء والماء والدواء والملاجئ المؤقتة”.
وأضاف أن “من شأن هذا الرصيف البحري المؤقت أن يتيح زيادة هائلة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة كل يوم”.
وبينما سيقود الجيش الأميركي العملية، إلا أن ذلك لا يعني بأن الولايات المتحدة ستنشر جنودا على الأرض في غزة، وفق ما أكد بايدن.
وقال “إلى قيادة إسرائيل أقول ما يلي: لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تكون مسألة ثانوية أو ورقة مساومة. إن حماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون الأولوية”.
سيشمل الميناء المؤقت رصيفا “سيوفر القدرة على استيعاب حمولات مئات الشاحنات الإضافية من المساعدات يوميا”، وفق ما أفاد مسؤول رفيع في إدارة بايدن.
وفي عامل يعد مهما بالنسبة لإسرائيل، ستفتش الشحنات من قبل الولايات المتحدة وقبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، لا من قبل دول عربية، علما بأن مصر وإسرائيل هما الدولتان الوحديتان اللتان تتشاركان حدودا برية مع غزة.
عمليات الإنزال غير كافية
يعاني سكان غزة من نقص شديد في المواد الغذائية والمياه والدواء، فيما تحذ ر الأمم المتحدة من خطر المجاعة. ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2,2 مليون نسمة في “أزمة” أو في مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي.
وأفادت منس قة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ اجتماعا لمجلس الأمن الدولي الخميس أن إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل “بديلا ” عن إيصالها عن طريق البر ، والذي توقف بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر قبل أن يستأنف تدريجيا.
وأعلنت القيادة المركزية الأميركية الخميس أن طائرات شحن سي-130 أميركية وأردنية ألقت في غزة أكثر من 38 ألف وجبة، في ثالث عملية من نوعها تتم في غضون أقل من أسبوع.
وأكد بيان صدر عن الجيش الأردني بأن طائرات بلجيكية وهولندية ومصرية وفرنسية شارك في إنزال المساعدات جوا.
ألقت الولايات المتحدة مساعدات غذائية في غزة للمرة الاولى السبت إذ قد مت أكثر من 38 ألف وجبة ونف ذت العملية ثانية الثلاثاء شملت أكثر من 36 ألف وجبة.
لكن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات في غزة أكبر بكثير من العدد الذي يمكن توفير الغذاء له من خلال الاكتفاء بعمليات إنزال المساعدات جوا.
لا بديل عن الممرات البرية
أعلنت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ الخميس أن إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل “بديلا ” عن إيصالها عن طريق البر .
وقالت كاغ للصحافيين في ختام جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك “لقد تحدثت عن أهمية تنويع طرق الإمداد البرية. هذا الحل يبقى الأمثل، لأنه أسهل، وأسرع، وأرخص، بخاصة وأننا نعلم أننا بحاجة لمواصلة إيصال المساعدات الإنسانية لسكان غزة لفترة طويلة من الزمن”.
وتعليقا على المساعدات الإنسانية التي تم أخيرا إلقاؤها من الجو فوق القطاع الفلسطيني قالت كاغ “أعتقد أن هذه العمليات هي رمز لدعم المدنيين في غزة. إنها شهادة على إنسانيتنا المشتركة، ولكنها مجرد قطرة في محيط، وهي ليست كافية على الإطلاق”.
وشد دت الوزيرة الهولندية السابقة التي عينها مجلس الأمن الدولي في ديسمبر في منصب “كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة” على أن “الجو والبحر لا يمكن أن يشكلا بديلا عما نحتاج لإيصاله عبر البر “.
لكن كاغ لفتت إلى أن “أي (مساعدات) إضافية، في هذا المنعطف الحرج، ستكون مهمة للغاية”.
من جهته، قال السفير الياباني يامازاكي كازويوكي الذي تتول ى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في شهر مارس الجاري إن “أعضاء المجلس أكدوا من جديد على أهمية الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة في غزة بكل الوسائل الممكنة”.
ورد ا على سؤال بشأن أبرز العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات إلى سك ان غزة، دعت كاغ إلى فتح المزيد من المعابر البرية، مشيرة بالخصوص إلى تعقيدات عمليات تفتيش الشاحنات على المعابر.
تعبئة دولية في ظل المأساة
وبعد خمسة أشهر من الحرب ومن الحصار المشد د على قطاع غزة، باتت الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة معرضة للمجاعة، وفق الأمم المتحدة.
وتراجع نقل المساعدات الإنسانية الى غزة عبر الحدود البرية، (من رفح جنوبا ومن معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل)، وتعزو منظمات الإغاثة ذلك الى قيود إسرائيلية.
وأنزلت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، مجددا طرودا غذائية جوا الخميس في غزة للسكان المهددين بالمجاعة والذين تقصفهم إسرائيل بلا هوادة، مع تراجع الآمال في إبرام هدنة بعد خمسة أشهر من بدء الحرب المدمرة.
وتسبب العدوان الاسرائيلي على غزة في كارثة إنسانية، حيث صار 2,2 مليون من أصل 2,4 مليون ساكن مهددين بالمجاعة، ونزح حوالى 1,7 مليون عن بيوتهم، وفق الأمم المتحدة.
خلال توزيع وجبات على نازحين في جباليا بشمال قطاع غزة، قال المتطوع بسام الحو لفرانس برس “يمكننا البقاء على قيد الحياة لساعات من دون طعام، لكن ليس أطفالنا”. وأضاف “إنهم يموتون ويغمى عليهم في الشوارع بسبب الجوع. ماذا يمكننا أن نفعل؟”.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع وفاة عشرين مدنيا على الأقل معظمهم من الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف.
وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة “نعتقد أن عشرات الأشخاص يموتون بصمت من الجوع بدون الوصول إلى المستشفيات”.
لا تدخل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة إلا بموافقة إسرائيلية، وتصل غالبيتها عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. وتؤكد المنظمات الإنسانية أن كمية المساعدات لا تكفي لسد حاجات السكان.
والوضع خطير خصوصا في شمال القطاع، حيث تجعل القيود الإسرائيلية إيصال المساعدات إلى نحو 300 ألف نسمة عملية شبه مستحيلة.
عن (أ ف ب) بتصرف