ثقة تيفي
قاد المهاجم المغربي أيوب الكعبي فريقه أولمبياكوس، ليصبح أوّل نادٍ يوناني يحرز لقباً أوروبياً في كرة القدم، عندما هزم فيورنتينا الإيطالي، مساء أمس الأربعاء في نهائي مسابقة دوري المؤتمر.
على ملعب العاصمة أثينا، اقتنص الكعبي هدف الانتصار من كرة رأسية، في الشوط الإضافي الثاني من اللقاء، ليقود أولمبياكوس إلى لقب تاريخي، بعدما لم يحالفه الحظ في بطولة (يوروبا ليغ)، فتابع المشوار في مسابقة دوري المؤتمر الأوروبي.
ورغم موسم أولمبياكوس الصعب محلياً، بعد أن حلّ ثالثاً في الدوري وأخفق في إحراز لقبه الـ 48، وتم تغيير مدرّبه ثلاث مرّات، نجح المهاجم المغربي، في إنقاذ موسم الفريق بإحراز لقب قاري.
تألق المهاجم الدولي (30 عاماً) في مشاركته القارية الأولى، واستطاع أن يكتب تاريخا جديدا مع الفريق اليوناني الذي انتقل إليه في صفقة حرة بقيمة لا تتجاوز الـ3.5 مليون يورو.
استطاع الكعبي الهيمنة على سلسلة أرقام قياسية تاريخية، أبرزها، أنه أول مغربي يسجل في نهائي أوروبي، ورابع لاعب عربي بعد الجزائريين رابح ماجر وسعيد بن رحمة، والمصري محمد صلاح. وكذلك، رابع عربي يحصد لقب دوري المؤتمر، بعد مواطنيه يوسف العربي ونايف أكرد، والجزائري سعيد بن رحمة.
وهو أيضًا اللاعب العربي الوحيد الذي أنهى مسابقة أوروبية كأفضل هداف، كما بات أكثر لاعب يسجل في الأدوار الاقصائية في تاريخ البطولات الأوروبية بموسم واحد.
وتفوق بذلك، على البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة لاعبي ريال مدريد السابقين، ومهاجم نادي أتلتيكو مدريد الإسباني الكولومبي راداميل فالكاو (10 أهداف).
من النجارة إلى المجد القاري
ارتدى الكعبي زي منقذ أولمبياكوس في إياب دور الـ16 بعد الوقت الإضافي، وتألق في نصف النهائي لتسجيل 5 أهداف ذهاباً وإيابا على أستون فيلا الانجليزي، قبل أن يسجل الهدف الحاسم في المباراة النهائية أمس الأربعاء.
وفي نهاية عقده مع النادي اليوناني في يونيو المقبل، يمكن أن يسمح ملفه الشخصي المتألق بالاقتراب من البطولات الأوروبية الكبرى، أو من دول الخليج.
قبل أن يصل إلى المجد الأوروبي، قطع أيوب الكعبي شوطا طويلا، من حي درب ميلا في الدار البيضاء حيث نشأ وركل كراته الأولى، وينحدر من عائلة متواضعة، غرست فيه حب العمل والاجتهاد.
خلال فترة مراهقته كان بائع ملح ونجّارًا وحتى مزارعًا، حيث قال في تصريحات نقلتها وكالة “فرانس برس”: “عليك تذكّر ماضيك. سيبقيك هذا الأمر ثابتاً ويحفّزك على القيام بالمزيد”.
عندما تم ضمه لفريق راسينغ الدار البيضاء (فريق الدرجة 2) وهو بعمر 21 سنة، كان لا يزال مدافعًا مركزيًا ، لم يثبت نفسه في الفريق، ولم يمانع في إعارته لمدة موسمين.
و عندما تم تغيير وضعه كمهاجم، أتى هذا الاختيار بثماره، حيث سجل لاعب نهضة بركان الأسبق، في موسمه الأول 25 هدفا في 33 مباراة وحصل على لقب الهداف.
كان ذلك كافيا لجذب الانتباه إليه، فتم استدعاؤه ليلعب في كأس إفريقيا للمحلين في يناير 2018 مع المنتخب المغربي، برصيد تسعة أهداف في المسابقة، برز مع أسود الأطلس وساهم في إحراز اللقب.
وبعد أن استدعاه المدرب “هيرفي رينارد” لمفاجأة الجميع في كأس العالم 2018، اتخذ الكعبي خيارًا ماليًا بالتوجه إلى الصين، مقابل 6 ملايين أورو إلى نادي هيبي إف سي (نادي لافيزي أو ماسكيرانو في ذلك الوقت).
و هناك، سجل حوالي عشرة أهداف في موسمه الأول، ثم قرر العودة إلى المغرب، وهذه المرة إلى الوداد البيضاوي على سبيل الإعارة قبل أن يشتري عقده نهائيا، وأظهر مهاراته التهديفية بتسجيله 36 هدفاً في 61 مباراة، وفاز معه بلقب بطولة 2021.
ثم غادر للتألق أوروبيا في تركيا مع “هاتاي سبور”، وسجل 26 هدفا في 55 مباراة، لكنه اضطر لترك النادي بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا. وبعد فترة مدة ثلاثة أشهر قضاها مع السدّ القطري، قرر التألق مع أولمبياكوس، و إثبات أنه يبقى هدافًا موهوبًا حتى في كأس أوروبا.
النقطة “السوداء” الوحيدة في مسيرة أيوب الكعبي، هي مستوى أدائه في منتخب المغرب الذي لا يزال يكافح من أجل العثور على رقمه ( 9).
بعد أن توج للمرة الثانية مع منتخب المغرب للمحليين بكأس أمم أفريقيا في 2020، كان جيدًا تحت قيادة المدرب وحيد خليلوزيتش على وجه الخصوص في تأهل المغرب لكأس العالم 2022.
إلا أنه اختفى ولم يعرف كيف يغتنم فرصته عندما اتصل به المدير الفني لمنتخب أسود الأطلس وليد الركراكي، والذي لعب بدونه في كأس العالم 2022، وحين تم استدعاؤه للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة في الكوت ديفوار لم يتألق، ولم يجد الطريق إلى الشباك.
في سن الثلاثين، لم يفت الأوان بعد، وبينما سيكون في نهاية عقده هذا الصيف، فمن الممكن أن يحاول تحديًا أخيرًا في بطولة أكثر حصرية، خاصة مع عودة كأس الأمم الأفريقية التالية إلى وطنه.
الكعبي الذي خاض 33 مباراة دولية مع أسود الأطلس في مشواره بين 2018 و2024 سجل خلالها 10 أهداف، يُعد أحد أبرز الأسماء التي يعول عليها الركراكي كثيراً في التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026، التي ستُقام في الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك عام 2026.
حيث يستعد رفاق أشرف حكيمي لمواجهتي زامبيا وجمهورية الكونغو، المقررتين في السابع من يونيو المقبل والـحادي عشر منه.