تحتفظ المكتبة السينمائية في مدينة تولوز، جنوب غربي فرنسا، منذ سنة تقريباً، بنسخ رقمية من أعمال سينمائية فلسطينية صوّر جلها في سبعينيات القرن العشرين، ومواد سينمائية غير مكتملة صوّرها مخرجون فلسطينيون وأجانب منذ سنة 1967.
و هي أرشيف سينمائي يحكي قصة فلسطين خلال نهاية تلك الفترة، أمضت المخرجة السينمائية خديجة حباشنة السنوات العشرين الماضية في بحث وعمل متواصلين لتجميعه وحفظه، جزء منه لم ينشر من قبل، وبعضه غير معروف بما يكفي.
تمت رقمنة ما مجموعه 34 فيلماً، وما رُمّم، بما في ذلك الأفلام القصيرة والمتوسطة والطويلة، هي أفلام وثائقية حصراً صوّرها مخرجون فلسطينيون، وهي في مأمن داخل المكتبة السينمائية في تولوز.
افتتحت مكتبة تولوز السينمائية في عام 1964، وتحتوي على واحدة من أهم مجموعات الأفلام في أوروبا، بنحو 53 ألف نسخة من الأفلام.
تحت عنوان “أرشيف في المنفى”، تمكّن الجمهور في مارس 2024، من اكتشاف جزء من هذا الأرشيف الذي يشهد على سينما نضالية، خلال أمسيتين، ضمن الدورة العاشرة لمهرجان سيني ــ فلسطين في تولوز.
كانت الأفلام تُحفظ في استديو روك في بيروت، واختفت بدءاً من سنة 1982، بينما اختفت البكرات الخام عام 1986، أثناء تدهور الوضع بمخيمات اللاجئين في العاصمة اللبنانية.
واعتباراً من سنة 2009، بادرت خديجة حبشنة، المخرجة الفلسطينية وأرملة مصطفى أبو علي، (أحد المؤسسين لأول وحدة سينمائية فلسطينية لإنتاج أفلام نضالية تروج للقضية الفلسطينية)، إلى البحث عن هذه الأفلام المفقودة، والتي تمثل فائدة تاريخية وسينمائية.
تقول عن ذلك، “اتصلت بأكثر من مائة شخص، من أحزاب سياسية ومسؤولين وتمثيليات سابقة تحولت الى سفارات، ممن يُحتمل أن تكون بحوزتهم نسخ. جمعنا نحو ستين فيلماً، وكان لدينا من بينها 30 فيلماً”.
و في سياق البحث، ظهرت أفلام أخرى، محفوظة في برلين وتونس على وجه الخصوص، لكن الكثير منها وجب إنقاذها وحفظها من جديد، تم تجميعها في سفارتي فلسطين في عمان والقاهرة.
رصدت ميزانية قدرت بنحو خمسين ألف يورو لجمعها وإحضارها إلى مدينة تولوز من عمّان ومن القاهرة، وخمسة عشر ألف يورو إضافية للمرحلة الثانية التي تتضمن توزيع وعرض الأفلام.
بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية والصندوق الثقافي الفلسطيني، جمعت سينماتيك تولوز هذه المجموعة الكاملة من الأفلام الأرشيفية التي تمتد من نهاية الستينيات حتى بداية الثمانينيات، وقامت بعملية حفظها و رقمنتها في عام 2023.
وبموجب اتفاقية، تتعهد المكتبة السينمائية في تولوز، بالحفاظ على هذا الأرشيف، إلى أن تتوفر مؤسسة في فلسطين قادرة على استعادتها وحفظها في ظروف لوجستية أو سياسية مواتية.
ومن بين هذه الأفلام الأرشيفية : “فلسطين في العين” ، “رؤية فلسطينية”، “تل الزعتر – الكولينا ديل تيمو”، “يوم الأرض” ، “على طريق النصر”، “أطفال بلا طفولة”.
من جهة أخرى، يحفظ الأرشيف الاتحادي الألماني في برلين، مؤقتا، تحت يافطة “الأرشيف السينمائي الوطني الفلسطيني” 70 فيما أنتجت بدءا من العام 1970، جمعها المخرج العراقي قيس الزبيدي.
يذكر، أنه في عام 2009، أدرجت المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في سجل “ذاكرة العالم”، أرشيف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، المكون من صور وأفلام ملتقطة على مدى أكثر من 60 عاما، تؤرخ للذاكرة الجمعية للفلسطينيين الذين خرجوا أو أجبروا على الخروج من بلادهم.
ويضم هذا الأرشيف أكثر من نصف مليون مادة من صور “النيغاتيف” والصور المطبوعة، والشرائح المصورة والأفلام وأشرطة الفيديو التي جمعتها الأونروا، وتغطي جوانب من حياة الفلسطينيين في بداية حياة جديدة في المخيمات.
(وكالات ومواقع)