ثقة تيفي
في تحليل جديد لبيانات من 60 منظمة ووكالة للصحة العامة، تم تحديد طفرة عالمية كبيرة في مرحلة ما بعد كوفيد-19 في الأمراض المعدية الشائعة، بما في ذلك الأنفلونزا والحصبة والسل والسعال الديكي.
منذ بداية عام 2022، شهدت 44 دولة زيادة بمقدار 10 أضعاف في معدل الإصابة بواحد على الأقل من أصل 13 مرضًا معديًا مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، وفقًا لتحليل أعدته “بلومبرغ نيوز” وشركة “إيرفينيتي” في لندن المتخصصة بتوقع الأمراض.
واعتبر الخبراء أنه مع عدم وجود سابقة تاريخية، لا يمكنهم تفسير عودة ظهور الأمراض المعدية بشكل كامل، ومع ذلك، قال علماء “إيرفينيتي” إن انخفاض معدلات اللقاحات أثناء الوباء، لا سيما للأطفال – بسبب سلاسل التوريد المعطلة ومحدودية التحصين أثناء عمليات الإغلاق- من المرجح أن يكون عاملاً رئيسياً في الإصابة بأمراض مصنفة على أنها يمكن الوقاية منها باللقاحات(الحصبة، شلل الأطفال، السل، السعال الديكي).
وتظهر بيانات اليونيسف، أن 25 مليون طفل فاتتهم جرعة واحدة على الأقل من لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي في عام 2021، مع حصول 81٪ فقط على الجرعات الثلاث، وهو أدنى مستوى منذ 13 عامًا.
كانت حالات السعال الديكي في الصين خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 أكبر بـ 45 مرة من عام 2023، وشهدت إسبانيا زيادة 134٪ في حالات السعال الديكي بعد الجائحة، ومن المتوقع أيضًا أن ترتفع حالات السعال الديكي في فرنسا والنرويج والمملكة المتحدة.
و الحصبة مرض آخر آخذ في الارتفاع، وقد فات أكثر من 1.8 مليون طفل في 20 دولة في أوروبا لقاح الحصبة بين عامي 2020 و2022، مع انخفاض معدلات التطعيم إلى أقل من 90%.
وذكرت الدراسة أن الدول الأوروبية شهدت ارتفاعًا بمقدار 30 ضعفًا في حالات الحصبة في عام 2023. مشيرة إلى أنها تعود الآن إلى الظهور في أكثر من 20 ولاية أمريكية.
كما أن معدل الإصابة آخذ في الارتفاع أيضًا في المملكة المتحدة، و في النمسا، ارتفع معدل الإصابة بالحصبة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024 بنسبة 190٪ عن الذروة التي كانت سائدة قبل الوباء، وفقًا للدراسة.
كما تعد الأنفلونزا أحد الأمراض العديدة التي لا يتم تصنيفها على أنه يمكن الوقاية منها باللقاحات حيث تتزايد معدلات الإصابة بها أيضًا. و كان عدد الحالات في موسم الأنفلونزا الأخير أعلى بنسبة 75% في أوروبا، وأعلى بنسبة 28% في الولايات المتحدة مقارنة بعام 2019.
وتضاعفت حالات الفيروس المخلوي التنفسي تقريبًا في أجزاء من أستراليا مقارنة بالعام الماضي. و قد يكون هذا بسبب ما يسمى “دَين المناعة” ، بعد الحماية من مسببات الأمراض الروتينية أثناء عمليات الإغلاق الوبائية، مما يجعل الناس أكثر عرضة للخطر مع عودة الحياة إلى طبيعتها.
وقد يؤدي تغير المناخ أيضًا إلى انتشار أمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك، التي تنتقل إلى البشر عن طريق البعوض المصاب. و شهدت الأرجنتين زيادة قدرها 152 ضعفًا في حالات حمى الضنك، من 3220 حالة في عام 2019 إلى 488035 حالة هذا العام، وهو أكبر ارتفاع على الإطلاق.
مع تحرك البعوض شمالاً، شهد جنوب أوروبا المزيد من الحالات، في إيطاليا سجلت زيادة كبيرة مع اكتشاف أول حالة مكتسبة محليًا في عام 2020 إلى 67 حالة في عام 2023. وفي فرنسا، تم الإبلاغ عن 65 حالة، ارتفاعًا من 9 حالات في عام 2019، أي بزيادة قدرها 7.2 أضعاف.
و يُنظر إلى الإغلاقات أثناء انتشار وباء كورونا، على أنها السبب الرئيسي المحتمل وراء ارتفاع عدد المرضى في مستشفيات الأطفال حول العالم منذ موسم الإنفلونزا في 2022، والعودة القوية لمسببات الأمراض التنفسية، كما حصل في الصين في الشتاء الأول بعد كورونا في العام الماضي.
و يبرز أيضاً عامل الفقر الذي ارتفعت معدلاته عالمياً بعد الجائحة فيما يتعذّر قياس وطأته، فالسكن في أماكن مكتظة والافتقار إلى الغذاء الجيد يفاقمان الأمراض، ويزيدان من تفشي مسببات الأمراض الفيروسية والبكتيرية في المجتمع.
وتفيد الدراسة، أنه على الرغم من سرعة تخلي دول العالم عن إجراءات الحماية المرتبطة بفترة كورونا، فإن ما تبقى من آثارها، تبين أن تبعاتها ستستمر لفترة طويلة.
وبين موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في واشنطن، أنه بعد مرور3 سنوات على بداية تفشي كورونا “فوجئنا بالاتجاهات التي سُجلت عام 2023 في بعض هذه الدول، وربما تنتظرنا مفاجآت أكثر”.