في ظل التصعيد الذي دخله البرنامج النضالي لطلبة كليات الطب والصيدلة بالمغرب بعد فشل مبادرة وسيط المملكة لإيجاد حل وسط، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الخميس عبر بلاغ، أن كليات الطب والصيدلة ستتخذ الإجراءات اللازمة لاستعادة السير العادي بها من أجل تمكين الطلبة الذين اجتازوا امتحانات الفصل الأول في دورة 5 شتنبر 2024 من استكمال امتحاناتهم خلال دورة استثنائية خاصة، وكذا تمكين الطلبة المنقطعين من اجتياز كل الامتحانات المستحقة برسم السنة الجامعية 2023 – 2024 في دورة استثنائية واحدة لكل فصل، وذلك قبل متم شهر نونبر 2024.
وشهدت عدة كليات الطب في عدد من المدن المغربية الأربعاء اعتصامات عرفت تدخلات أمنية لفضها احتجاجا على العرض الحكومي الذي تقدم به وسيط المملكة وتم رفضه من الطلبة بنسبة 80 بالمائة على الصعيد الوطني.
وأعلنت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة بالمغرب، على صفحتها الرسمية بفيسبوك، أن عدد الطلبة المعتصمين الذين تم اعتقالهم بالرباط من طرف القوات العمومية بلغ 28 شخصا في معطيات وصفتها بالأولية.
وحسب ما أورته اللجنة، تم اعتقال قرابة 28 شخصا من طلبة الطب والأطباء الداخليين والمقيمين على إثر تدخل أمني عنيف لفض اعتصامهم أمام كلية الطب بالرباط.
وأعلنت عدت جمعيات حقوقية ومنظمات نقابية، من بينها عدة فروع للنقابة الوطنية للتعليم العالي، استنكارها للتدخل الأمني العنيف، كما أعلنت تضامنها مع المحتجين.
وجاء في بلاغ وزارة ميراوي أمس أنه سيتم إلغاء نقطة الصفر بالنسبة للطلبة الذين لم يجتازوا الامتحانات، وتعويضها بالنقاط المحصل عليها في امتحانات الدورات الاستثنائية، والتداول في نتائج الامتحانات من أجل التسجيل في السنوات الموالية باعتبار النقاط المحصل عليها في الدورات العادية والاستثنائية دون الأخذ بعين الاعتبار شرط استيفاء التداريب حيث ستبرمج هذه الأخيرة لاحقا مع التقيد بغلافها الزمني الكامل وشروط اجتيازها واستيفائها، فضلا عن الإطلاق الفوري للمساطر الإجرائية من أجل مراجعة العقوبات التي صدرت في حق الطلبة المسجلين في مسالك الصيدلة والتي لها علاقة بالأحداث التي واكبت مقاطعة الدراسة بكليات الطب والصيدلة.
وجاء التصعيد في الأشكال النضالية لطلبة الطب والصيدلة في المغرب بعد فشل مبادرة وسيط المملكة الذي اجتمع مع ممثليهم مساء الجمعة الماضية بالرباط، بعد الوساطة التي قام بها بين الطرفين.
وأوردت مصادر إعلامية أن العرض الذي قدمته الحكومة عبر وسيط المملكة فشل في معالجة أحد أهم مطالب الطلبة الأطباء، ويتعلق بمدة التكوين، حيث يصر الأطباء على مدة تكوين لا تقل عن سبع سنوات فيما تكتفي الحكومة بست سنوات، واقترحت الحكومة عن طريق الوسيط إتاحة الخيار للطالب بين الاكتفاء بست سنوات فقط في التكوين أو إضافة سنة سابعة.
ورفض الطلبة العرض الحكومي بنسبة تصويت فاقت 80 في المائة على المستوى الوطني.
وكان أحد الشعارات المركزية في احتجاجات طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان طيلة قرابة 10 أشهر من الاحتجاج يقول” 7 سنوات أو لا شيء”.
كما رفض طلبة الطب أيضا الإجراء المتعلق بإلغاء الدورة الاستدراكية، معتبرين ذلك ضربا لمستقبل الطلبة على اعتبار أن للامتحان بدورته العادية والاستدراكية له أهميته بالنسبة إليهم.
وكان ممثلو الطلبة قد التقوا، الخميس 5 شتنبر الجاري، مع وسيط المملكة، بعد مقاطعتهم للامتحانات المقررة في نفس اليوم، لعدم تجاوب الوزارة الوصية مع ملفهم المطلبي، وأخبرهم أنه سيقوم بوساطة بين طلبة الطب والصيدلة وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
وتفاعلا مع التدخل الأمني ضد اعتصام الطلبة في الرباط، أعلنت التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين بالمغرب، في بيان، “استعدادها التام للانخراط في جميع الاشكال النضالية المسطرة من طرف اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة استجابة لأي نداء منهم” ودعت جميع المدارس والمعاهد الوطنية للتكوين الهندسي العمومي المنضوية تحت لواء التنسيقية “القيام بالخطوات التضامنية مع طلبة الطب طبقا للبرنامج الذي سنعلن عنه مستقبلا”.
كما دعت كافة الطلبة المهندسين للانخراط الجاد والفعال في الخطوات النضالية التي سيتم الإعلان عليها من طرف التنسيقية الوطنية للطلبة المهندسين بالمغرب.
ونظمت اللجة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين وقفات تضامنية وطنية أمس الخميس، بعدد من المستشفيات الجامعية “تأكيدًا لرفضنا المطلق لكل أشكال القمع والاعتداء على حرية التعبير”، كما جاء في بيان لها.
وعمرت أزمة كليات الطب لقرابة عشرة أشهر دون أن يتمكن وزير التعليم العالي من إيجاد حل يرضي الطلبة المحتجين.
وقال الفضاء المغربي لحقوق الانسان إنه يتابع “المنع والقمع والايقاف التعسفي الذي تعرض له طلبة كلية الطب والصيدلة بالرباط البارحة 25 شتنبر 2024 ومساء اليوم 26 شثنبر 2024 من داخل كليتهم على يد السلطات الأمنية والموثقة بالصوت والصورة، بهدف مصادرة حقهم في حرية الاحتجاج والتظاهر والتعبير من أجل صون وتطوير جودة التعليم والتدريب بكليات الطب والصيدلة لا أقل ولا أكثر”.
ودعت الهيئة الحقوقية في بيان لها السلطات المغربية بتحمل مسؤوليتها وإيجاد الحلول المناسبة عبر فتح باب الحوار الجاد والمسؤول واعتماد مقاربة تشاركية تراعي بالأساس مواصفات ومعايير الجودة التعلمية والتدريبية داخل كليات الطب والصيدلة وتحقيق الأمن الصحي العام.