كشفت المنظمة الدولية للهجرة عن مأساة جديدة في الصحراء الليبية مطلع هذا الأسبوع، بعد العثور على 19 جثة في منطقة إجخرة، الواقعة على بعد حوالي 400 كيلومتر جنوب بنغازي، إضافة إلى مقبرة جماعية في صحراء الكفرة جنوب شرقي البلاد، يُرجح أن تحتوي على ما يصل إلى 70 جثة.
تُعد الصحراء الليبية من أخطر المسارات التي يسلكها المهاجرون غير النظاميين في محاولاتهم للوصول إلى أوروبا، إذ يتعرضون لانتهاكات جسيمة على يد المهربين وشبكات الاتجار بالبشر، وسط غياب شبه تام للحماية الدولية. وأصبحت ليبيا، التي تعاني من أزمات سياسية وأمنية متواصلة، نقطة عبور رئيسية لموجات الهجرة غير النظامية، مما يزيد من تعقيد جهود حماية هؤلاء المهاجرين وإنقاذهم.
وأكدت المنظمة في بيان الاثنين، أن ظروف وفاة الضحايا وجنسياتهم لا تزال غير معروفة، وأشارت إلى أن المقبرتين اكتُشفتا خلال مداهمة أمنية تم خلالها إنقاذ مئات المهاجرين من قبضة المهربين.
ولا تزال السلطات الليبية تواصل تحقيقاتها لتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم.
وحسب المصدر ذاته، أكدت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكوليتا جيوردانو في تعليقها على الحادث، أن العديد من المهاجرين يواجهون “الاستغلال الشديد والعنف والإساءة”، مما يستدعي تعزيز الجهود الدولية لضمان حقوقهم وحمايتهم من المخاطر التي تلاحقهم في هذه الرحلات القاسية.
وشهد عام 2024 تسجيل 965 حالة وفاة أو اختفاء لمهاجرين في ليبيا، مع وقوع أكثر من 22% منها على الطرق البرية، وهو ما يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه المهاجرين بعيدًا عن البحر الأبيض المتوسط، حيث يُسجل العدد الأكبر من الوفيات، وفقًا لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة.
وتؤكد المنظمة أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بكثير، نظرًا لعدم الإبلاغ عن العديد من الحالات، ودفن بعض الضحايا في مقابر جماعية مجهولة.
دعت المنظمة الدولية للهجرة السلطات الليبية إلى تكثيف جهودها لضمان انتشال جثث المهاجرين المتوفين بطريقة تحفظ كرامتهم، وتحديد هوياتهم وإبلاغ أسرهم.
كما شددت على ضرورة تعزيز التعاون بين الدول المعنية لضمان حماية المهاجرين، بغض النظر عن وضعهم القانوني، من خلال تعزيز آليات البحث والإنقاذ، وتوفير مسارات هجرة أكثر أمانًا.
وفي ظل استمرار هذه المآسي، يبقى المهاجرون العالقون في ليبيا بين مطرقة الاستغلال وسندان المخاطر، في انتظار حلول جذرية تُنهي معاناتهم المستمرة.