خرجت النيابة العامة عن صمتها حول الأنباء التي تروج وتتحدث عن منع المؤرخ والحقوقي المغربي المعطي منجب من السفر. وجاء موقف النيابة العامة على لسان زهير الحرش، النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، في حوار مقتضب مع وكالة المغرب العربي للأنباء.
وكان المركز المغربي لحقوق الإنسان قد عبر في بلاغ اليوم عن قلقه العميق من استمرار ” منع المؤرخ والحقوقي المعطي منجب من حقه الطبيعي والدستوري في حرية التنقل والسفر”، مشيرا في هذا الصدد إلى استفادة منجب من عفو ملكي بعد التهم التي وجهت إليه.
وحسب بلاغ المركز، جاء منع المعطي منجب من السفر بعد تلقيه دعوة من جامعة السوربون لإلقاء محاضرة حول “ربيع الشعوب بتونس 2011-2021″، موضحا أنه بعد توجهه إلى مطار الرباط – سلا تم منعه من المغادرة رغم حمله التذكرة وجواز السفر. وأكد البلاغ أن منع منجب من السفر يمتد منذ سنة 2020، وأن سيارته ومنزله وحسابه البنكي لا تزال محجوزة منذ أكثر من أربع سنوات.
وقال المركز إنه في كل مرة يتوجه فيها منجب إلى المطار يُخبر بأن ملفه ما زال في يد قاضي التحقيق، دون أي تفسير قانوني مقنع أو صدور قرار قضائي رسمي يمنعه من ممارسة هذا الحق.
وأكد المركز في نفس البلاغ أن منجب قرر الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على هذا الإجراء، الذي يُعد خرقا صارخا للحق في التنقل المكفول بموجب الفصل 24 من الدستور المغربي، ومقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه المملكة المغربية.
++ توضيح النيابة العامة
وفي تعليقها على ما تداولته المواقع الإخبارية وعلى موقع التواصل الاجتماعي حول منع منجب من السفر، أوضح زهير الحرش، النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، أن منع المعطي من السفر إجراء مرتبط ببحث قضائي في مواجهة المعني بالأمر من أجل الاشتباه في ارتكابه لجريمة غسل الأموال.
وقال الحرش، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إن “كل ما راج من ادعاءات ومزاعم مضللة بخصوص هذه القضية لا تمت للواقع بأية صلة، وأود التأكيد على أن هذه القضية غير مرتبطة بأية دوافع تتعلق بنشاطه السياسي أو العلمي أو ممارسته لأي حق من الحقوق المكفولة له قانونا. وأن الأمر يتعلق بالمقابل بالاشتباه في ارتكابه لفعل يطاله التجريم والعقاب بمقتضى قانون غسل الأموال، حيث أبانت الأبحاث عن توصل المعني بالأمر بمجموعة من التحويلات المالية المهمة من الخارج، كما تبين أنه يمتلك عددا من الممتلكات العقارية التي شكلت موضوع تصاريح بالاشتباه طبقا للمادة 18 من القانون رقم 43.05.
واستنادا إلى ذلك، يضيف الحرش، فقد أمرت النيابة العامة بإجراء بحث تمهيدي في الموضوع، وبعد استنفاذ إجراءاته تم تقديم المعني بالأمر أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، الذي قرر تقديم ملتمس بإجراء تحقيق في مواجهته من أجل الاشتباه في ارتكابه لأفعال تكون جريمة غسل الأموال طبقا للفصول 574-1 و574-2 و574-3 من القانون الجنائي.
وأوضح الحرش أن “السلطة القضائية، حرصا منها على استجلاء عناصر الحقيقة، تسهر بكافة الطرق القانونية المتاحة على استنفاذ إجراءات التحقيق، خاصة وأن هذه الإجراءات مرتبطة بإنابات قضائية دولية تم توجيهها للخارج، وأن النتائج التي سيتحصل عليها من هذه الاجراءات تتطلب حضور المعني بالأمر قصد مواجهته بها والتحقيق معه بشكل مفصل حول ما خلصت إليه.”
وحول سؤال “ومع” أين وصلت الأبحاث في هذه القضية وما هو السند القانوني للمنع من السفر؟ قال الحرش، إن قضية المعني بالأمر لازالت رائجة أمام قاضي التحقيق الذي اتخذ قرارا بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر في حقه طبقا للمادة 142 من قانون المسطرة الجنائية، التي تنص في فقرتها الثانية على أنه يمكن “لضرورة البحث الأمر بإغلاق الحدود وسحب جواز السفر لضمان عدم فرار المتهم طيلة فترة البحث”، وذلك خلافا لما يتم ترويجه من معلومات مغلوطة حول الأساس القانوني لمنع المعني بالأمر من السفر، إذ أن المادة المذكورة تمنح لقاضي التحقيق إمكانية إصدار الأمر المذكور طيلة مرحلة التحقيق الإعدادي دون أن يكون مقرونا بأي أجل قانوني أو محصورا في مدة زمنية معينة، ولا تسري عليه أحكام المادة 160 من قانون المسطرة الجنائية كما ورد في مزاعم المعني بالأمر، علما أنه يبقى لهذا الأخير ودفاعه كامل الحق في مباشرة المساطر التي يخولها له القانون بشأن الطعن في هذه القرارات أمام الجهات القضائية المختصة عوض الترويج لمزاعم مضللة.
وحول سؤال علاقة هذه القضية ارتباط بالعفو الملكي الذي استفاد منه المعني بالأمر، أكد الحرش، في نفس الحوار، أن المعني بالأمر يتمتع بكافة قواعد المحاكمة العادلة، مضيفا أن التمسك بمبدأ سيادة القانون، يقتضي من باب أولى احترام السلطة القضائية والإجراءات القانونية المعمول بها، والتي تطبق وتتخذ في حق جميع المشتبه فيهم دون استثناء، عوض الترويج لمزاعم تفتقد إلى أي أساس قانوني داعم لها، بهدف التأثير غير المشروع في مسار قضية لازالت معروضة على أنظار القضاء.
وأضاف نفس المتحدث أنه بخصوص العفو الملكي الذي استفاد منه المعني بالأمر فلا يتعلق بالقضية موضوع الدعوى العمومية السارية في مواجهته من أجل جنحة غسل الأموال التي لا تزال أطوارها جارية أمام غرفة التحقيق مع ما تقتضيه من ضمان للسرية، علما أن جريمة غسل الأموال – موضوع مسطرة التحقيق الإعدادي الجاري في حق المعني بالأمر – تعتبر جريمة مستقلة عن الجريمة الأصلية التي ترتبط بمتحصلات إجرامية، وليست تابعة لها من حيث وجودها القانوني، خلافا لما يتم الترويج له من مغالطات في هذا الإطار.
المصدر: (ومع) + مواقع