ثقة تيفي
كشفت دراسة جديدة صادرة عن ولاية فلوريدا، شارك في إعدادها الجراح العام للولاية الدكتور جوزيف لادابو، عن معطيات مقلقة تتعلق بالوفيات الناجمة عن جميع الأسباب بعد تلقي لقاحات كوفيد-19 من نوع mRNA، لاسيما لقاح “فايزر-بيونتك”.
الدراسة، التي حللت بيانات أكثر من 9.1 مليون شخص بالغ من سكان فلوريدا غير المقيمين في مؤسسات الرعاية، قارنت بين الحاصلين على لقاحي “فايزر” و”موديرنا” خلال الفترة ما بين ديسمبر 2020 وغشت 2021، مع التركيز على معدلات الوفاة الناجمة عن جميع الأسباب، بما في ذلك الوفاة المرتبطة بالقلب والوفاة الناتجة عن كوفيد-19 ذاته.
وبحسب نتائج التحليل التي نشرتها مجلة “الطبيعة” في 8 ماي 2025، سجل متلقو لقاح “فايزر” معدلات وفيات أعلى مقارنة بنظرائهم ممن تلقوا “موديرنا”. حيث بلغ معدل الوفيات لجميع الأسباب لمتلقي “فايزر” 847.2 لكل 100,000 شخص، مقارنة بـ 617.9 لكل 100,000 لمتلقي “موديرنا”. كما سُجل فرق ملحوظ في وفيات القلب والأوعية الدموية، حيث بلغت النسبة 248.7 مقابل 162.4 لكل 100,000 على التوالي.
على الصعيد العالمي، أظهرت التقارير الطبية من عدة دول تطابقًا في بعض الأعراض الجانبية المرتبطة باللقاحات، مثل الصداع والحمى الخفيفة، والتعب، وآلام العضلات، وآلام في موضع الحقن، خاصة بعد الجرعة الثانية من اللقاحات.
أما في ما يخص الآثار الجانبية النادرة، فقد رُصدت حالات محدودة من التهاب عضلة القلب، خصوصاً لدى الشباب من الذكور، بعد تلقي لقاحات من نوع فايزر وموديرنا، فيما ارتبط لقاح أسترازينيكا بحالات نادرة من الجلطات الدموية في دول أوروبية وأستراليا. كما أبلغت بعض الدول عن حالات معزولة من متلازمة غيلان باريه وشلل الوجه المؤقت.
وتشير السلطات الصحية في هذه الدول إلى أن أنظمة المراقبة الدوائية الفعالة سمحت بتحديد هذه الأعراض بدقة، مع التأكيد المتواصل على أن الفوائد الصحية للقاحات تفوق بكثير المخاطر المحتملة، خاصة في ظل الانخفاض الواضح في معدلات الوفيات والحالات الحرجة بفضل حملات التلقيح.
وفي تعليقه على النتائج، أشار فريق الباحثين إلى أن الدراسة اعتمدت على منهجية مطابقة دقيقة (1:1 matching) لتقليل أثر “التحيز الصحي للقاح”، أي ميل الأشخاص الأصحاء بطبيعتهم إلى تلقي التطعيم، وهو ما قد يؤثر على دقة نتائج الدراسات الرصدية التقليدية. وأضافت الدراسة أن “النتائج تبرز أهمية تقييم اللقاحات بناءً على مؤشرات صحية شاملة، وليس فقط على أساس فعاليتها ضد الفيروس المستهدف”.
وقد أوصى الباحثون بضرورة توسيع نطاق الدراسات لتشمل مؤشرات الوفيات العامة والوفيات القلبية، لضمان صورة أكثر شمولاً لتأثيرات اللقاحات على الصحة العامة.
وتأتي هذه النتائج في سياق نقاش علمي مستمر حول فعالية اللقاحات وتفاوت آثارها الجانبية، حيث كانت معظم الدراسات السابقة ممولة من شركات الأدوية، ما أثار بعض الانتقادات بشأن حياديتها.
يُذكر أن الهيئات الصحية الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، ما زالت تؤكد أن فوائد التطعيم في الوقاية من الحالات الخطيرة والوفيات الناجمة عن كوفيد-19 تفوق مخاطره، رغم الدعوات المتزايدة لمراجعة بعض السياسات الصحية بناءً على معطيات جديدة.