من المدرج إلى الرصيف: بحوث جامعية للبيع
ثقة تيفي
المشهد في سوق أسبوعي ببوسكورة، ضواحي مدينة الدار البيضاء : بحوث تخرج لطلبة الطب من جامعة الحسن الثاني – كلية الطب والصيدلة، موضوعة على الأرصفة بجانب “الخردة”.
بحوث يُفترض أنها ثمرة سنوات من الجهد الأكاديمي والعلمي، أنجزها أطباء يزاولون المهنة اليوم في مستشفيات المغرب، أو في عياداتهم الخاصة، تُعرض للبيع بثمن بخس لا يتجاوز 5 أو 10 دراهم، وكأنها بلا قيمة… بلا معنى.

هذه الصور ليست مجرد مشهد عابر، بل مرآة تعكس خللاً أعمق. إنها الوجه الآخر لأخبار تتكرر مؤخرًا، كقضية محاكمة أستاذ جامعي تورّط في بيع شهادات الماستر مقابل المال أو الولاءات.
ما نراه في السوق هو النتيجة الطبيعية لثقافة تطبّع فيها الغش، وتسلعت المعرفة، وتدنّت فيها قيمة البحث والاجتهاد والنزاهة.
ما الرابط بين السوق والمحكمة؟ كلاهما يكشف عن انحدار خطير في مصداقية الشهادة الجامعية. حين يتحوّل التخرج إلى مجرد توقيع على ورقة، يمكن اقتناؤها أو التخلص منها في سوق شعبي، يصبح البحث الأكاديمي مُفرغًا من مضمونه، والتعليم العالي فاقدًا لروحه.
البحث العلمي لا يُقاس بعدد الصفحات، بل بأخلاقيات الإنجاز وحرمة المعرفة.

هذا ليس مشهدًا من العبث، بل ناقوس خطر.
هل ما زلنا نُخرّج أطباء وباحثين؟ أم فقط نمنح ألقابًا بلا مضمون؟
ما يحدث في السوق، وفي المحكمة، وما بينهما، هو عرض لأزمة ممتدة من الجامعة إلى ضمير المجتمع.
أين دور الجامعة في حماية منتوجها العلمي؟ وأين آليات تتبع مصير هذه البحوث؟
إذا صار العلم سلعة، والبحث مهملًا، والشهادة تباع وتُشترى… فمن يحمي المستقبل؟