ثــقـة تـيـفي
أظهرت دراسة حديثة لشركة الاستشارات أوليفر وايمان أن المغرب أصبح الأول عالميًا في صناعة السيارات من حيث التكلفة الفعالة. ويرجع ذلك إلى انخفاض تكاليف العمالة، بالإضافة إلى مرافق الإنتاج الحديثة والتصاميم المبسطة وسلاسل التوريد الموثوقة.
وفحصت الدراسة أكثر من 250 مصنعًا لتجميع السيارات حول العالم، وأكدت أن المغرب يتفوق على منافسين تقليديين وناشئين على حد سواء، من بينهم رومانيا التي تبلغ تكلفة العمالة فيها 273 دولارًا لكل مركبة، والمكسيك (305 دولارات)، وتركيا (414 دولارًا)، وحتى الصين التي تصل فيها تكلفة العمالة إلى 597 دولارًا.
على النقيض، تواجه ألمانيا، التي تتميز بنقابات عمالية قوية ولوائح صارمة على ساعات العمل، عبئًا كبيرًا في تكلفة العمالة، بمتوسط 3307 دولارات لكل سيارة — أي أكثر من 31 مرة مقارنة بالمغرب.
لكن جاذبية المغرب لا تقتصر فقط على تكلفة الأجور المنخفضة. فالتقرير يسلط الضوء على المرافق الإنتاجية الحديثة، والتصاميم الصناعية المبسطة، وسلاسل التوريد الموثوقة، التي أسهمت جميعها في تحسين الإنتاجية وتقليل التعقيد الصناعي. وقد ساعدت هذه العوامل المغرب على تحقيق زيادة بنسبة 29٪ في إنتاج السيارات خلال الفترة من 2019 إلى 2024، في حين شهدت دول التصنيع الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا انخفاضًا حادًا في الإنتاج.
وأكد التقرير كذلك أن المغرب يوفر تكاليف إنتاج أقل بنسبة تصل إلى 35% مقارنة ببعض الدول الأوروبية الغربية، مما يجعله منافسًا رئيسيًا في السوق العالمي لصناعة السيارات. كما يُعد ميناء طنجة المتوسط، الأكبر في إفريقيا، نقطة انطلاق استراتيجية لتصدير السيارات إلى أوروبا والأسواق العالمية، حيث يُساهم في تقليل التكاليف اللوجستية بنحو 20%.
وفي سياق الاستثمارات، أشار التقرير إلى أن المغرب استقطب استثمارات تجاوزت 5 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية من شركات عالمية كبرى مثل رينو وستيلانتيس، مما أسهم في خلق أكثر من 200 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، مع توقعات بنمو سنوي مستمر يصل إلى 8% في إنتاج السيارات.
كما لفت التقرير الانتباه إلى توجه المغرب المتسارع نحو صناعة السيارات الكهربائية، حيث تستهدف الخطط الحكومية رفع حصة المركبات الكهربائية إلى 30% من إجمالي الإنتاج المحلي بحلول عام 2030، وهو توجه يدعم التحول البيئي والابتكار الصناعي في البلاد.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات، حذر التقرير من بعض التحديات التي تواجه الصناعة المغربية، منها الحاجة إلى زيادة نسبة المحتوى المحلي في صناعة قطع الغيار، وتعزيز البحث والتطوير في التقنيات المستقبلية، فضلاً عن تطوير مهارات القوى العاملة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، من أجل الحفاظ على تنافسية الصناعة المغربية.