كشفت صحيفة “الغارديان” أن سلطات الهجرة الأمريكية تقوم بجمع وتحميل معلومات الحمض النووي للمهاجرين، بمن فيهم الأطفال، إلى قاعدة بيانات جنائية وطنية، في خطوة وصفها خبراء بأنها “توسع هائل في المراقبة الجينية”.
ويجري تخزين هذه المعلومات في نظام فهرس الحمض النووي المشترك (CODIS)، الذي يديره مكتب التحقيقات الفيدرالي، ويُستخدم على نطاق واسع من قبل سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية والولائية والمحلية لتحديد المشتبه بهم باستخدام بيانات جينية تم جمعها من مسارح الجرائم.
رغم أن هذه القاعدة مخصصة عادة للأشخاص الذين تم القبض عليهم أو إدانتهم بجرائم، فإن معظم من جُمعت بياناتهم من قبل وكالة الجمارك وحماية الحدود لم توجه إليهم أي اتهامات جنائية.
وبحسب الوثائق التي نشرتها الوكالة مؤخرًا، يجري إنشاء ملفات جينية دائمة للمهاجرين قابلة للبحث من قبل السلطات، حتى وإن لم يكونوا متهمين بأي جرم، ما أثار موجة انتقادات واسعة من نشطاء الخصوصية.
وفقًا لتقرير نشرته مجلة”Wired”، أضيف أكثر من 1.5 مليون ملف تعريف جيني إلى قاعدة CODIS منذ عام 2020، ما يمثل زيادة بنسبة 5,000٪ خلال ثلاث سنوات .ويقدّر التقرير أن أكثر من 133,000 من هؤلاء هم أطفال ومراهقون مهاجرون، من بينهم طفل يبلغ من العمر أربع سنوات فقط.
بحسب التقرير، تعود الوثائق إلى الفترة ما بين عامي 2020 وبداية 2025، وتُظهر تفاصيل دقيقة عن الأفراد الذين جُمعت عيناتهم، من حيث أعمارهم، وبلدانهم الأصلية، والمناطق التي نقلوا إليها، وطبيعة الاتهامات، إن وُجدت. وتشير البيانات إلى أن نحو 230 طفلًا كانوا دون سن 13 عامًا، وأكثر من 30,000 تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا.
، يعود تاريخ هذه الممارسة إلى عام 2020 عندما أطلق مكتب الجمارك وحماية الحدود برنامجًا تجريبيًا لجمع الحمض النووي، بموجب قاعدة جديدة من وزارة العدل، تُلزم الوكالة بجمع عينات جينية من المهاجرين المحتجزين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و79 عامًا.
وتنص السياسات الرسمية على إعفاء الأطفال دون 14 عامًا من هذا الإجراء، إلا أن الضباط الميدانيين يتمتعون بسلطة تقديرية قد تتيح لهم جمع عينات من أطفال أصغر سنًا في بعض الحالات.
وأكدت الوكالة أن بيانات الحمض النووي لا تُخزن لديها، بل تُرسل مباشرة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي يحتفظ بها إلى أجل غير مسمى، ما يعمق المخاوف بشأن طول مدة الاحتفاظ بهذه المعلومات وحجمها المتزايد.
وأشار تقرير مشترك صادر عن مركز الخصوصية والتكنولوجيا بجامعة جورج تاون إلى أن هذه الوتيرة المتسارعة في جمع الحمض النووي لم تكن لتحدث في السياق القانوني الجنائي، إذ توجد قيود قانونية صارمة على توقيت وآليات أخذ العينات، ما يجعل ما يجري اليوم تحوّلاً غير مسبوق في البنية الرقابية الجينية.
ووصفت الباحثة إيميرالد تسي، إحدى مؤلفات التقرير، هذه السياسة بأنها “انتهاك واسع وغير مبرر للخصوصية”، معتبرة أنها تعزز الصور النمطية الضارة ضد المهاجرين وتكرّس ممارسات شرطية تمييزية، في وقت يتزايد فيه القلق من تغوّل الرقابة التقنية وتراجع الضمانات الحقوقية.