ثقة تيفي
من المتوقع أن يشهد الاقتصاد المغربي أداءً قويًا خلال عامي 2025 و2026، مدعومًا بتحسن الأحوال الجوية التي ساهمت في التخفيف من آثار الجفاف الذي عانى منه القطاع الزراعي في عامي 2023 و2024، إلى جانب مرونة الطلب المحلي وتوسع قطاعي السياحة والصناعة، بحسب تقرير آفاق اقتصادية الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، المجلد 2025، العدد الأول.
++ نمو بنسبة 3.8% وتوسع في السياحة والصناعة
حسب التقرير، من المرتقب أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمغرب نموًا بنسبة 3.8٪ في كل من عامي 2025 و2026، مستفيدًا من ازدهار السياحة وقطاع الصناعة التحويلية، وخاصة صناعة السيارات، بدعم من الاستثمارات المحلية والأجنبية. وقد شهد قطاع السياحة أداءً قياسيًا، إذ استقبلت المملكة 4 ملايين سائح في الربع الأول من عام 2025.
كما بدأ الإنتاج في مشاريع جديدة مدعومة باستثمارات أجنبية مباشرة، خاصة في قطاعات الطيران، المنسوجات، والأغذية. وقد ساعد “ميثاق الاستثمار” في تحفيز هذه الدينامية، إلى جانب استمرار الإنفاق العام على مشاريع البنية التحتية.
++ انخفاض التضخم وتيسير السياسة النقدية
شهد التضخم تقلبات ملحوظة، حيث بلغ ذروته عند 2.6٪ في فبراير 2025 نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، قبل أن ينخفض إلى 0.7٪ في أبريل، بمتوسط 1.7٪ في الأشهر الأربعة الأولى من السنة.
كما تباطأ التضخم الأساسي إلى 1٪ في أبريل. واستجابة لذلك، واصل بنك المغرب دورة التيسير النقدي، مخفّضًا سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.25٪ في مارس 2025، بعدما كان في حدود 3٪ في مارس 2023.
++ استقرار العجز وانخفاض البطالة
رغم ارتفاع الإنفاق العمومي، خاصة على مشاريع الاستثمار، فقد ساهمت الإصلاحات الضريبية وبرامج الدعم في توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات، مما أدى إلى تقليص عجز الميزانية إلى أقل من 4٪ خلال عامي 2025 و2026.
ومن المتوقع أن تنخفض معدلات البطالة إلى أقل من 13٪ بحلول عام 2026، رغم بقاء بطالة الشباب مرتفعة، إلى جانب استمرار ضعف مشاركة النساء في سوق الشغل.
++ تحديات قائمة
رغم هذا الزخم الإيجابي، لا يزال الاقتصاد المغربي يواجه تحديات بنيوية، أبرزها ضعف الإنتاجية مقارنة بالمعايير الدولية، والهيمنة المستمرة للاقتصاد غير المهيكل، والبطالة المرتفعة بين الشباب، إضافة إلى الحاجة لتوسيع مشاركة النساء في سوق العمل عبر إصلاح سوق الشغل، وتوفير رعاية أطفال بأسعار معقولة، والتصدي للقوالب النمطية.
كما أن التوترات التجارية العالمية وعدم اليقين الدولي—رغم ضعف الروابط المباشرة مع الولايات المتحدة—قد تؤثر سلبًا على آفاق التجارة والاستثمار.
وتبقى الأسواق الأوروبية ذات أهمية محورية للمغرب، لاسيما في قطاع السيارات، ما يجعل المملكة عرضة لتحولات سلاسل التوريد الأوروبية.
++ توصيات
دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى تسريع إصلاح الشركات العمومية وتعزيز آليات الحكامة ومكافحة الفساد، من أجل تحفيز استثمارات القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال.
كما شددت على أهمية الارتقاء بجودة التعليم والتكوين المهني، مع التركيز على تقليص معدلات الانقطاع المدرسي المبكر، لما لذلك من أثر مباشر على رفع كفاءة الرأسمال البشري وزيادة إنتاجية اليد العاملة.
وأوصت المنظمة بتوسيع نطاق سياسات الإدماج المهني وتطوير آليات التفعيل لرفع معدلات التوظيف الرسمي، لا سيما في صفوف الشباب والنساء، من أجل التصدي لمعضلة البطالة وتعزيز الشمول الاقتصادي.
وفي سياق التحديات البيئية، حثت المنظمة على تكثيف الجهود لمواجهة آثار تغير المناخ وندرة المياه، عبر تعزيز سياسات الاستدامة والتدبير المندمج للموارد الطبيعية.
ويخلص التقرير إلى أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، شريطة مواصلة تنفيذ إصلاحات هيكلية جريئة قادرة على الاستجابة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والمناخية الراهنة.