سلّط تقرير لـ “صحيفة فاينانشيال تايمز” الضوء على خطوة مفاجئة اتخذتها السعودية مؤخراً برفع إنتاجها النفطي، وذلك قبيل الهجوم الإسرائيلي الأخير على منشآت داخل إيران.
ورغم أن هذه الزيادة فسّرت على أنها استجابة محتملة لضغوط أمريكية، يشير محللون إلى أن دوافع منظمة “أوبك+” بقيادة الرياض قد تكون أعمق وأكثر ارتباطاً بمصالح السوق الداخلية للكارتل النفطي.
ووفقًا للتقرير، جاء قرار تسريع رفع الإنتاج في وقتٍ تشهد فيه أسعار النفط انخفاضاً نسبياً، وهو ما يتعارض مع التوجه التقليدي الذي يتبعه الكارتل للحفاظ على الأسعار من خلال خفض المعروض.
وأشار محللون إلى أن السعودية كانت تتطلع إلى استعادة حصتها السوقية، بعد أن تراجعت جراء ثلاث سنوات من قيود الإنتاج التي فقدت فعاليتها مع الوقت.
وبينما لم تؤكد وزارة الطاقة السعودية وجود تنسيق مباشر مع واشنطن، يرى خبراء أن زيادة الإمدادات النفطية كانت منسجمة مع مصالح أمريكية في احتواء أسعار الطاقة، خصوصاً في ظل التوترات مع إيران وروسيا، وقبيل قرارات قد تكون مفصلية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ونقل التقرير عن بوب ماكنالي، المستشار السابق في إدارة بوش، قوله إن “طلب ترامب من السعودية كان جزءًا من تمهيد الطريق لهجوم على إيران”، لافتاً إلى أن البيت الأبيض سعى لتهيئة السوق لاضطرابات محتملة دون أن تتسبب في قفزات حادة بالأسعار.
ويؤكد التقرير أن السعودية لم تنسَ درس عام 2018 حينما ضخت النفط استجابة لضغوط ترامب، ليقوم الأخير بمنح إعفاءات لواردات النفط الإيراني، ما أدى لانخفاض الأسعار بشكل مؤلم لدول “أوبك”. لهذا، كان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان حذراً، وأصر في محادثات خاصة على عدم تكرار “الخطأ”.
من جانب آخر، يرى مراقبون أن خطوة السعودية قد تكون أيضاً جزءاً من صفقة أوسع مع إدارة ترامب، تشمل التعاون في مشاريع الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية المدنية والدفاع، خاصة بعد الزيارة الأمريكية الأخيرة التي أشاد خلالها ترامب بولي العهد محمد بن سلمان.
وفيما قفزت أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي، يواجه البيت الأبيض تحديات جديدة في كبح التضخم. وتبقى الخيارات مفتوحة أمام ترامب، من اللجوء للاحتياطي النفطي الاستراتيجي، إلى طلب جديد من الرياض لزيادة الإنتاج، وهو ما سيكون محفوفاً بحساسيات إقليمية، لا سيما في ظل محاولات التهدئة بين إيران وجيرانها العرب.