ثقة تيفي
كشفت عزيزة البقالي القاسمي، عضو المجلس الوطني للعدالة والتنمية، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صادق ومرر “مذكرة” بتصوراته ومقترحاته حول تعديل مدونة الأسرة، بشكل سريع دون “مناقشة” و”إغناء”، قبل رفعها إلى الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.
وأضافت البقالي، وهي عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمتها بالمهرجان الوطني الذي نظمه حزب العدالة والتنمية، الأحد (3 مارس 2024)، حول “إصلاح مدونة الأسرة”، أن المجلس لم يشرك جميع أعضائه في اللجنة التي خول لها تحرير نص المذكرة.
و إلى ذلك قالت: “لم نأخذ حقنا في مؤسسة حقوقية لمناقشة مضامين المذكرة بكل أريحية في موضوع حساس مثل مدونة الأسرة، حيث عرضت علينا صباح يوم برمجة اللقاء مع هيئة مراجعة المدونة، لأقل من عشر أو خمسة عشر دقيقة، دون التحقق من مضامينها”.
وعلى العكس مما جاء في بلاغ المجلس، بأن المصادقة على نص المذكرة جاء بأغلبية الأعضاء بعد إغنائها، جزمت البقالي بعدم صحة ذلك، لأن المذكرة كانت مطبوعة، وذلك في إشارة إلى أن المذكرة كانت جاهزة للتقديم دون الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات الواردة بشأنها.
ولفتت الأستاذة الجامعية، النظر إلا أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان (في إشارة إلى أمينة بوعياش)، اعتادت تمرير مجموعة من القضايا المهمة دون إعطائها الحق في النقاش.
ونبهت البقالي، التي صوتت بالرفض على المذكرة، إلى “أن المجلس يضيق بمناقشة الاختلاف، ويضيق بتعدد الآراء، ويصفق ويثمن جميع من يذهبون في اتجاه الموافقة الشاملة والكاملة دون شرط أو قيد”.
وقالت إن مذكرة المجلس المقدمة في موضوع تعديل مدونة الأسرة، مرفوضة بإطلاق، لما فيها من استدراك على الدستور وتطاوله عليه، مشددة على أن هذا التطاول لا يمكن أن يواجه إلا بالرفض التام.
و أبرزت أن المذكرة التي صوت عليها عضو آخر بالامتناع، تضمنت محاولة “إعادة تعريف الأسرة بما يخالف الدستور، والسماح بزواج الأشخاص بدل امرأة ورجل، وإدخال مصطلح “أشكال متعددة للأسرة” تعسفا، إضافة إلى التطاول على الإرث، وزواج المسلمة بغير المسلم”.
وطالبت البقالي، اللجنة المكلفة بتعديل المدونة من طرف الملك محمد السادس، بعدم النظر إلى هذه المقترحات التي تجرأت على المقدسات والثوابت، وتريد المساس بالأسر المغربية والمجتمع.
وشددت البقالي على أن “المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة دستورية وطنية، وتعددية، ومستقلة يؤطرها الدستور، وقانون منظم لاختصاصاتها صادق عليه البرلمان. مضيفة، أن نطاق صلاحيات هذه المؤسسة، تظل محددة ومضبوطة تفرض عليها احترام المرجعية الوطنية والدينية والحقوقية”.
واعتبرت البقالي، أن هناك استهداف للأسرة الطبيعية، والانتقال إلى أشكال جديدة من الأسر والعلاقات، تنمحي فيها معالم الذكورة والأنوثة، وتغيب فيها مفاهيم الأمومة والأبوة.
وبينما تناقش مدونة الأسرة في سياق تحكمه معطيات موضوعية في إطار تعديل نص قانوني كباقي القوانين مر عليه 20 سنة، وظهرت فيه بعض الثغرات والاختلالات في التطبيق، اعتبرت أن أولوية النقاش ينبغي أن يتوجه إلى مواكبة الأسرة ودعم استقرارها، خصوصا وأن نسب الطلاق مرتفعة، وأن هناك “تراجعا قيميا خطيرا ومظاهر غير صحية في إطار العلاقات الأسرية، التي غابت فيها قيم المعروف والفضل والتصالح”، وفق تعبيرها.
وترى البقالي أن نظام الأسرة يتفرع عن النظام العام المرتبط بالمجتمع، ما يفرض أن يكون أي تعديل فيه أو نقاش ينهل من مرجعية المجتمع وهويته.
وأشارت، إلى أن قانون مدونة الأسرة منذ 2004 أصبح قانونا يحال على البرلمان، وهو مؤطر في ديباجته بالمرجعية الدينية، كما ان الخطاب الملكي كان حاسما لهذا التوجه، حيث قال الملك بأنه “لا يحل حراما ولا يحرم حلالا”.
وتابعت بالقول “نحن في بلد مسلم، هويته الإسلامية لا مجال للنقاش فيها، وأي تعديل في المدونة أو نقاش بخصوصها لابد أن تنهل من مرجعية المجتمع وهويته، وأن صبغة القانون الدينية والشرعية اقتضت أن يكون مؤطرا في ديباجته بالخطاب الملكي الذي أطلق النقاش حول المدونة.
ونبهت إلى أن نص مدونة الأسرة يُشرع للمغاربة المسلمين وليس لغيرهم، ولذلك المرجعية الأساس والأصيلة هي الإسلام في مراجعة وتعديل هذه المدونة، صحيح أن المغرب منخرط في المنظومة الدولية الحقوقية لكن كل اتفاقية يرى فيها تعارض يبدي تحفظاته، ويرافق أخرى بإعلانات تفسيرية تقول بأنه لا يمكن أن يَقبل بأي نصوص تتعارض مع المرجعية الإسلامية التي تقوم عليها الدولة.
وقالت البقالي، “الأصل أن يلتزم الجميع بهذه المرجعية والتوجيهات، لأنه لم يترك الباب مفتوحا أمام تعديل المدونة، بل حصره فيما يهم السلبيات والملاحظات التي أثيرت بخصوص القانون بعد التطبيق”، مبرزة أن تشكيلة اللجنة بينت أن “الأمر يتعلق بالممارسة القضائية، وليس بسياق مراجعة ومناقشة المرجعية التي بنيت عليها المدونة، وحسم فيها الدستور عام 2011 بالإجماع الوطني”.