ثقة تيفي.
توفي الأميركي بول ألكسندر، الملقب بـ “الرجل ذي الرئة الحديدية”، الاثنين الماضي ( 12 مارس 2024)، عن عمر ناهز 78 عاما، بعد أن قضى مدة 70 عامًا تقريبًا داخل أسطوانة معدنية تسمى الرئة الحديدية تسمح له بالتنفس، حسبما أعلن شقيقه وصفحة جمع التبرعات المخصصة له، يوم أمس الأربعاء.
وأصيب ألكسندر المولود عام 1946، في السادسة من عمره بشلل الأطفال، تركه مشلولًا بالكامل تقريبًا من الرقبة إلى الأسفل عام 1952، ما أجبره على البقاء داخل هيكل معدني يبلغ وزنه 272 كيلوغراما.
و أصيب بهذا الداء المميت، أثناء تفشي مرض شلل الأطفال في الولايات المتحدة خلال الخمسينيات من القرن الماضي، حيث بلغ عدد حالات الإصابة به حوالي 58 ألف حالة، معظمها من الأطفال.
ووفقا لصفحة ألكسندر، على موقع موسوعة غينيس للأرقام القياسية، فقد تعلم التنفس لفترات طويلة خارج هذا الجهاز المعدني، حيث تقلص عضلات حلقه لإجبار الهواء على الدخول إلى رئتيه.
وعلى الرغم من أنه كان يجب أن يحبس في كثير من الأحيان في هذه الآلة التي غطت جسده بالكامل، ولم تترك سوى رأسه مرئيًا، فقد أصبح في عمر 21 عامًا، أول شخص يتخرج من مدرسة دالاس الثانوية دون حضور الفصل الدراسي. والتحق بجامعة ساوثرن ميثوديست، بعد الرفض المتكرر من قبل إدارة الجامعة، ثم بكلية الحقوق في جامعة تكساس في أوستن.
كان يبلغ من العمر 40 عامًا، عندما اجتاز امتحانات المحاماة في 19 ماي 1986. ولعقود من الزمن، كان بول محاميًا في دالاس وفورت وورث ، حيث كان يمثل العملاء في المحكمة ببدلة من ثلاث قطع وكرسي متحرك معدّل يثبت جسده المشلول في وضع مستقيم.
وكتب مذكرات استغرق في كتابتها أكثر من ثماني سنوات، مستخدمًا العصا البلاستيكية والقلم ليكتب قصته على لوحة المفاتيح، أو يملي الكلمات على صديقه، الممرض السابق نورمان براون.
وفي وقت كان ظهور الأشخاص ذوي الإعاقة في الأماكن العامة أقل، إذ لم يكن آنذاك قد تم إقرار قانون الأميركيين ذوي الإعاقة، الذي يحظر التمييز. إلا أنه في عام 1990- كان بول مرئياً في الفضاء العام، وكان يسافر على متن الطائرات، وعاش بمفرده، ونظم اعتصامًا من أجل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
في مارس 2023، أعلنت موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية أن ألكسندر هو أطول مريض يعيش داخل رئة حديدية، بعد وفاة آخر شخص استخدم الرئة الحديدية في المملكة المتحدة في دجنبر 2017، عن عمر يناهز 75 عامًا.
وبعد أن نجا من وباء مميت، لم يتوقع أن يجد نفسه مهددًا بوباء كورونا، فيما الأسباب الدقيقة لوفاته لم يتم الإعلان عنها رسميا بعد.
يذكر، أن اختراع جهاز “الرئة الحديدية” تم اختراعه عام 1928 من قبل فيليب درينكر، وهو مهندس طبي، ولويس شو، عالم وظائف الأعضاء، في جامعة هارفارد.
و تستخدم الرئة الحديدية تقنية تسمى “تنفس الضفدع”، التي تستعين بعضلات الحلق لدفع الهواء عبر الحبال الصوتية، مما يسمح للمريض باستنشاق الأكسجين من الفم في كل مرة، ودفعه إلى أسفل الحلق وإلى الرئتين.
كان 1200 أميركي اعتمد على الرئة الحديدية عام 1959، للبقاء على قيد الحياة، قبل أن تصبح هذه الآلات أصبحت أقل شيوعا مع الانتشار الواسع للقاح شلل الأطفال.
وفي 1979، أُعلن أن الولايات المتحدة خالية من مرض شلل الأطفال، وبحلول 2014، لم يتبق سوى 10 أميركيين يستخدمون الرئة الحديدية.
وأدى التقدم في الطب إلى اختراع بدائل للرئتين الحديديتين بحلول الستينيات فاستُبدلا بأجهزة التنفس الصناعي، لكن ألكسندر ظل يعيش في الأسطوانة؛ لأنه “اعتاد ذلك” على حد قوله.
في فيلم وثائقي، سأل الصحفيون ألكسندر كيف يعيش وماذا فعل في أيامه، وأجاب “حسنًا، مثل أي شخص آخر. أستيقظ، أغسل أسناني، أغسل وجهي، أحلق ذقني، وأعد لنفسي الإفطار.. أنا فقط بحاجة إلى القليل من المساعدة. أقرأ أو أدرس شيئًا ما، أرسم صورة أو أرسم. أنا فقط أكره مشاهدة التلفاز.”