بعدما بقي المحلفون الذين دانوا دونالد ترامب طوال محاكمته الجنائية في نيويورك محميين بموجب أمر أصدرته المحكمة بإبقاء هوياتهم طي الكتمان، يتعين عليهم العودة إلى حياتهم الطبيعية في بلد يشهد تصاعدا في المضايقات أو حتى العنف بدوافع سياسية.
وإثر إعلان المحلفين الـ12، وهم خمس نساء وسبعة رجال، قرارهم إدانة الرئيس الأميركي السابق بكل التهم الـ34 الموجهة إليه في قضية تزوير مستندات محاسبية بهدف إخفاء مبلغ مالي دفعه لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية قبل انتخابات 2016، شكرهم القاضي خوان ميرشان على “منحهم هذه القضية كل الاهتمام الذي تستحق “.
وإن كانوا تخطوا الصعوبات والقيود والضغوط التي رافقت المحاكمة، فهم يواجهون اليوم خطر نقمة مؤيدي ترامب، برأي خبراء.
وقالت كلير فينكلستين، أستاذة القانون في جامعة بنسيلفانيا، إنها تتوقع أن يتم في نهاية المطاف “تسريب” هويات المحلفين مضيفة أن “ذلك سيكون من خلال هيئة الدفاع” عن ترامب.
فبالرغم من كتمان أسمائهم عن العامة والصحافة، فإن المدعين ومحامي الدفاع كانوا على علم بها. وجرت محاولات على مواقع التواصل الاجتماعي لكشف تفاصيل بشأن المحلفين، كما وردت تهديدات باستخدام العنف ضدهم.
وقالت فينكلستين لوكالة فرانس برس “هذا سيعرضهم للخطر، تماما مثلما رأينا بالنسبة للعاملين في الانتخابات، هذا قد يكون مصدر قلق حقيقيا”.
وأكد رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ بولاية نيويورك براد هويلمان سيغال أن سلامة المحلفين تحظى “بأكبر قدر من الأهمية”.
وقال السناتور الديموقراطي إن “حمايتهم وهذا الحكم سيثبتان للأمة وللعالم أننا حقا دولة يحكمها القانون”.
وأوضحت فينكلستين أنه في حال كان المحلفون في خطر “يمكن فعليا نشر عناصر أمن عند منازلهم، أو تغيير أماكن سكنهم، وفي حال ساءت الأمور فعليا، وضعهم ضمن برنامج لحماية الشهود” مضيفة “آمل ألا يصل الوضع إلى هذا الحد “.
وقد يكون لموقف ترامب من هيئة المحلفين وقرارها تأثير كبير على مدى الاهتمام الذي سينصب عليهم.
وفرض ميرشان على ترامب منذ بدء المحاكمة حظرا جزئيا يمنعه من التهجم على المحلفين وانتقادهم في تصريحاته.
وإن كان هذا الأمر الذي ينطبق أيضا على الشهود وعائلة ميرشان نفسه كما على عائلات المدعين، لا يزال ساريا، إلا أن القاضي قد يرفعه عند إصداره الحكم في 22 يوليو.
وأعلن ميرشان الثلاثاء أن المحلفين لم يعودوا ملزمين بعدم التحدث عن المحاكمة خارج المحكمة، وقال “الخيار يعود لكم” ولو أنه شجعهم على التفكير مليا قبل اتخاذ قرارهم.
واختار محلفون في قضايا سابقة أثارت اهتماما كبيرا، أن يرووا الوقائع التي عاشوها، متحدين الغضب الشعبي واضواء الإعلام.
فبعد المحاكمة التاريخية لنجم كرة القدم الأميركية السابق أو جاي سيمسون بتهمة القتل في 1995، نشر أحد المحلفين كتابا حول تجربته فيما ساهم محلف آخر في وثائقي حول القضية.
وقال أستاذ القانون والمدعي العام السابق بينيت غيرشمان إن “المحلفين لهم الحرية في مناقشة القضية ووجهات نظرهم حول الوقائع ومداولاتهم”.
لكنه أضاف “لا أرى المحلفين (في قضية) ترامب … يسعون لجني أموال من تجربتهم”.
وفي محاكمة ترامب، انسحبت محلفة تم اختيارها من بين مئتي شخص للانضمام إلى الهيئة، موضحة للقاضي أنه تم التعرف عليها بعد تقارير إعلامية كشفت تفاصيل عنها.
وناشد القاضي الصحافيين لزوم الحيطة وعدم نقل تفاصيل عن المحلفين قد تقود إلى كشف هوياتهم.
وقالت فينكلستين معلقة على سلوك ترامب خلال المحاكمة “من الواضح أنه كان يحاول ترهيب أعضاء هيئة المحلفين قبل صدور الحكم” مضيفة “كان الأمر فعليا أشبه بمحاكمة زعيم عصابة”.
المصدر: (أ ف ب) بتصرف