ثقة تيفي
بمقتضى أمر استعجالي صادر بتاريخ 21 يونيو 2024 عن المحكمة الابتدائية بمراكش، أنصف القضاء تلميذة مغربية منعت من الدخول إلى مدرسة تابعة للبعثة الفرنسية بسبب ارتدائها للحجاب.
و قضى قاضي المستعجلات بابتدائية مراكش، بالسماح لابنة المدعية (أ. ش)، التي تدرس بالمستوى 03-2 للسنة الدراسية 2024 2023، بالولوج إلى المؤسسة التعليمية (فيكتور هيغو) مرتدية حجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.
وقال المحامي سعيد معاش في تدوينه له، أن والدة الفتاة القاصر، قامت برفع دعوى ضد المؤسسة التعليمية بعد منع (أ. ش) من الدخول، بسبب أن نظام التربية الفرنسي يمنع ارتداء أي لباس له علاقة بالرموز الدينية.
و اعتبر منطوق الحكم، قرار المدرسة هذا، بمنع ابنة المدعية من الولوج إلى الفصل الدراسي بسبب ارتدائها الملابس ترمز إلى معتقدها الديني “قرارا غير مشروع، ومخالفا للمقتضيات الدستورية والقانونية”.
و أكدت المحكمة أن ذلك “يجعل قاضي المستعجلات مختصا للبت في الطلب لتوفر شرطي اختصاصه المحددين بمقتضى الفصلين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية”.
وأوضحت أن “واقعة المنع مع ما يرتب عنها من فوات بعض الدروس يشكل خطرا محدقا بالحق في التعليم المكفول لابنة المدعية، وهو ما يجعل عنصر الاستعجال قائما في النازلة ومبررا لتدخلنا من أجل أمر المدعى عليها بالسماح لابنة المدعية بالولوج للمؤسسة”.
وجاء في تعليل الحكم، بأن ارتداء ابنة المدعية للحجاب يندرج ضمن ممارستها لحريتها الشخصية، وليس فيه أي مساس بصحة السلامة العامة أو إخلال بالآداب العامة، ولا يشكل أي تهديد لحرية وحقوق الآخرين.
وأضافت حكم المحكمة، على أن منع ابنة المدعية من الولوج إلى المدرسة بسبب ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدها الديني “يشكل خرقا لمبادئ حقوق الطفل في التعليم الأساسي التي ضمنتها له جميع المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، والتي لا يمكن أن تنتهك من أي طرف كان حتى لا يتم حرمان البنت من أهم حقوقها الكونية والدستورية ألا وهو حق التمدرس”.
ودفع محامي المدعى عليها (المدرسة) في الموضوع، بأن المدعية لم تثبت منع ابنتها من الولوج إلى المدرسة، وأن المؤسسة التعليمية المدعى عليها تخضع لاتفاقية شراكة من أجل التعاون الثقافي والتنمية بين الحكومة الفرنسية والحكومة المغربية.
وأضاف، بأن هذه المؤسسة تقدم التعليم للأجانب المقيمين بالمغرب وبعض المغاربة، مبرزا أن المؤسسة التعليمية تخضع للقانون الفرنسي ومقتضيات المادتين 1-452 و42-911 من قانون التربية الفرنسي.
وأشار المحامي، إلى أن النظام الداخلي للمدرسة “يمنع على جميع التلاميذ ارتداء أي لباس له علاقة بالرموز الدينية”، مدليا بنسخة من الاتفاقية ونسخة من حكم قضائي ونسخة من القانون المنظم لوكالة التعليم الفرنسي بالخارج.
فيما ردت المحكمة، في منطوق حكمها، على دفوعات نائب المدعى عليها بأنها مردودة “ذلك أن المدعى عليها لم تدل بالنظام الداخلي المحتج به”.
وأضافت أنه بالاطلاع على ظاهر اتفاقية شراكة التعاون الثقافي والتنمية المبرمة بين حكومة الجمهورية الفرنسية والحكومة المغربية الموقعة بالرباط بتاريخ 25 يوليوز 2003 المدلى بها من طرف المدعى عليها، يتبين أنها خالية من أي مقتضى يمنع على التلاميذ ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدهم الديني”.
وتابعت، “فإنه وعلى فرض ثبوت صحة هذا الدفع، فإنه لا يمكن الركون إليه لمخالفته للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة بالحقوق المدنية للأفراد والتي يتعين على كل مؤسسة تعليمية مراعاتها وملاءمة نظامهم الداخلي معها”.
وذكرت بأن القانون الفرنسي بدوره قد قيد وضع الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليميات، بوجوب احترام تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها، إعمالا لما جاء في المادة 11-451 من قانون التربية الفرنسي.
وقال منطوق الحكم أيضا، إن “المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في المنتظم الدولي، تلتزم في ديباجة دستورها على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بها، والإسهام في تطويرهما، مع مراعاه الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء، وجعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية”.
وأشار، إلى أن “مجموعة من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، التي تعد المملكة المغربية طرفا ملتزما بما جاء فيها، نصت على تعهد الدول الأطراف بضمان جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه المواثيق بريئة من أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو غير ذلك من الأسباب”.
وذكر في هذا الإطار ، بما “جاء في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المصادق عليها في 18 دجنبر 1970، التي نصت في مادتها الخامسة على حق الأفراد في حرية الفكر والعقيدة والدين، وما نصت عليه المادتان 28 و29 من اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأم المتحدة بتاريخ 20 نونبر 1989”.وأفاد بأن المغرب كان من بين البلدان الأولى التي بادرت إلى الانخراط والمصادقة على هذه الاتفاقية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه في 3 ماي 1979، والذي نص في الفقرة الثالثة من المادة 18 على أنه: لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية”.