كشفت الجمعية المغربية لتدبير المعلومات و البيانات عن عدد من الاختلالات التي تعاني منها المنظومة الوطنية للمعلومات و التوثيق و البيانات.
وقالت الجمعية في بلاغ لمكتبها التنفيذي، اليوم الأربعاء، إنه و بعد سنوات من الرصد و التتبع للإجراءات الحكومية بالقطاعات المعنية بالمعلومات و التوثيق و الانتقال الرقمي، نعتبر الأزمة الحالية انعكاس جلي لغياب تصورات حكومية لتدبير الرأسمال المعلوماتي الوطني، فضلا عن إخلال الحكومات المتعاقبة بالتزامات تقويم تعثرات الورش الذي أطلق مع بداية الألفية بقوانين ضعيفة غير ملمة بالقطاع الذي تبتغي تأطيره.
وحسب نفس البلاغ، توصلت ثقة تيفي بنسخة منه، سجلت الجمعية، مند اعتماد دستور 2011، إصرارا حكوميا متجددا على التغييب الممنهج لصوت المهنيين في تركيبة عدة مؤسسات و لجان وطنية. وأعطت أمثلة باللجنة الوطنية للولوج للمعلومة و اللجنة الوطنية للتربية و العلوم و الثقافة و اللجنة الوطنية للانتقال الرقمي و المجلس الوطني للأرشيف و الأجهزة التدبيرية للمكتبة الوطنية، هذا فضلا عن تعطيل مشروع المجلس الوطني للمكتبات العمومية و مراكز المعلومات، الذي أوصت منظمة اليونسكو الحكومة المغربية بخلقه منذ سنة 1986.
ووجهت الجمعية، التي تصف نفسها بكونها أكبر تنظيم مهني يجمع منتسبي قطاع التوثيق والأرشفة و هندسة البيانات، الدعوة إلى الحكومة للتدخل على عدة مستويات.
ودعت الجمعية في بلاغها الحكومة لأخذ ظاهرة تزايد ظاهرة هروب خريجي مدرسة علوم المعلومات من جيل هندسة البيانات و اليقظة الإستراتيجية نحو بلدان أوروبية في السنوات الأخيرة بنسب مهولة على محمل الجد، مع التأكيد على أن لجوء منخرطينا لخيار “الهجرة المهنية” يأتي غالبا نتيجة صعوبة ولوجية سوق الشغل الوطني لهم.
وعلى مستوى السياسة الحكومية في البحث العلمي و التقني، دعت الجمعية الحكومة إلى ضمان مشاركة و إشراك المهنيين في اقتراح الحلول لتحسين أداء المنظومة الوطنية للمعلومات، لا سيما على مستوى تجويد خدمات بنيات البحث الوطنية و توظيف التكنولوجيا لضمان ولوجية الحق الدستوري في الثقافة و التعلم و الخدمة العامة الثقافية.
وعلى مستوى السياسة الحكومية في التعليم العالي، دعا بلاغ الجمعية الوزارة الوصية لرفع ما أسماه بـ”الحكرة” عن المهنة و المهنيين، و ذلك عبر هيكلة عمل مكتبات و مراكز توثيق و أرشيف الكليات و الجامعات ضمن الهياكل الإدارية لتلك المؤسسات.
وعلى صعيد السياسة الحكومية في الثقافة، جدد البلاغ أسف الجمعية لاستمرار التخبط و الإهمال الحكومي و تــآمر”غرباء”، حسب وصف البلاغ، على مؤسسة المكتبة الوطنية منذ تقاعد المدير السابق ادريس خروز سنة 2016. و هو ، حسب البلاغ، ما عرقل أداء المؤسسة للحد الأدنى من خدماتها لفائدة المواطنين و الباحثين كولوجية الفهرس الوطني و الموارد و التسجيل البيبليوغرافي للمنشورات لفائدة الناشرين في أجل معقول.
واعتبرت الجمعية في نفس بلاغها أن استحقاقات تحيين القانون المنظم للإيداع القانوني و إعادة الهيكلة و مطلب تحديث الموقع الإلكتروني للمؤسسة المخترق سابقا و المتهالك، و لزوم انخراط المؤسسة في السياسة الحكومية في مجال تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، (اعتبرتها) استحقاقات إصلاحية بات المهنيون يشككون في مشروعيتها من فرط التجاهل الحكومي منذ سنة 2017.
وعلى مستوى الاستراتيجية الحكومية للأرشيف، دعت الجمعية الحكومة لضمان التزام مختلف الوزارات و المؤسسات العامة و الجماعات الترابية بمقتضيات المنشور رقم 19/2018 الصادر بشأن تحسين شروط تدبير الوثائق الإدارية و الأرشيف بالمرفق العام، و ذلك عبر إصدار مرسوم حكومي ينص وجوبا على ضرورة توفر كل المؤسسات العمومية و إدارة الدولة على هياكل تدبيرية للأرشيف ( مصالح، أقسام، مديريات).
وعلى مستوى فعلية حق المهنيين الأساسي في الولوج لمراكز التدبير و اتخاذ القرار، اعتبرت الجمعية في بلاغها أنه لم يعد مقبولا في مغرب 2024 أن تبقى مديريات بوزارات من قبيل وزارة الثقافة و الانتقال الرقمي و التعليم العالي و الأمانة العامة للحكومة و مؤسسات من قبيل مؤسسة التنمية الرقمية و اللجنة الوطنية للتعليم و المكتبة الوطنية و الوكالة المغربية لتنمية الصادرات و المعهد المغربي للإعلام العلمي و التقني و بعض مديريات المالية و الخارجية، محرومة من خبرات و بروفايلات المتخصصين من خريجي علوم المعلومات و الأرشفة و هندسة البيانات و اليقظة الاستراتيجية، و ذلك توفيرا للشروط اللازمة لإصلاح المنظومة و تفعيلا لمقتضيات دستور 2011، و ذلك في أفق اللحاق بركب الممارسات الفضلى في باقي البلدان المتقدمة في مجال تدبير التراث المعلوماتي.
وعلى صعيد استراتيجية الحكومة في مجال إصلاح القطاع العام، أكدت الجمعية دعمها لخطة مركزة السياسة العامة للمعلومات و الأرشيف و الديجيتال، لكنها تؤكد اقتناعها بأن هذا التوجه الإصلاحي كفيل أيضا بإخراج القطاع من دوامة التنافس “الميركونتيلي” الحزبي، على حد وصفها، على كراسي تلك المؤسسات، عبر إلحاق مؤسسات المركز الوطني للبحث العلمي و التقني و المكتبة الوطنية و أرشيف المغرب بباقي مؤسسات القطاع، على غرار المركز الوطني للتوثيق و مدرسة علوم المعلومات. كما أكدت الجمعية أن التأطير التشريعي للإصلاح ينبغي أن يأخذ في الحسبان دائما ثابتة أن الهدف من تجميع كل تلك المكونات هو الوصول إلى سياسة وطنية منسقة و منسجمة في المجال يعهد تنسيقها لمؤسسة التخطيط بالصيغة المحينة .
وفي ختام بلاغها أكدت الجمعية أنه اعتبارا لما عاشه القطاع خلال العقد الأخير، فهي تعتبر ما خرجت به الحكومة بداية 2017 بخصوص فكرة مشروع مكتبة الأرشيف الوطني ضمن مشروع “الرباط مدينة الأنوار”، أحد مخارج الأزمة، شريطة أن يخضع مضمونه لنقاش مهني هادئ و مسؤول مع كل من يهمه الأمر، لأننا مقتنعون، تقول الجمعية، أن فشل المقاربات العمودية السابقة واقع ملموس يقر به أصحابها قبل غيرهم.