استمعت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، يوم الجمعة بالرباط، لتصورات ومقترحات الأحزاب التي كان مبرمجا الاستماع إليها حول تعديل مدونة الأسرة، وهي التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، فيما لوحظ تخلف حزب الأصالة والمعاصرة، وفق الترتيب المنطقي الذي يفترض اعتماده.
وقالت رئيسة الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية، أمينة بنخضرة، عقب الاجتماع، إن اقتراحات الحزب نابعة من مبادئه التي تنطلق من الديموقراطية الاجتماعية والإيمان بتعزيز الحقوق وبتماسك الأسرة وبالمساواة، مشيرة إلى أن توصيات الحزب تأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية التي أبرمها المغرب ودستور 2011.
وأكدت أن ورش تعديل مدونة الأسرة يأتي في خضم التحولات المهمة التي عرفها المغرب على مدى العقدين الأخيرين سواء من الناحية القانونية أو المؤسساتية، أو من ناحية تطور السياسات العامة، وهو ما أعطى دفعة قوية لتقدم المغرب.
وشددت على أن ورش تعديلها اليوم، بعد ما تم رصده من ثغرات في تنزيلها، سيعزز حقوق المرأة والأطفال ويحفظ المصحلة الفضلى للأسرة.
من جهته، قال الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، إن الحزب يعتبر أن ورش تعديل مدونة الأسرة “مقاربة تشاركية مهمة جدا”.
وأكد أن المقترحات التي تقدم بها الحزب تهدف أساسا إلى تعزيز تماسك الأسرة وإلى رعاية المصلحة الفضلى للأطفال وتقوية حقوق المرأة مع احترام مقتضيات النصوص الشرعية القطعية وما يتمخض عن الاجتهاد الفقهي في إطار مقاصد الشريعة.
وأشار إلى ضرورة العمل في إطار هذا الورش على تنزيل تدابير مواكبة من شأنها أن تساعد على تحسين الوضع الأسري ، لاسيما فيما يتعلق بمأسسة الصلح الأسري وتطوير وتقوية محاكم الأسرة والسياسات العمومية التي من شأنها أن تطور التشغيل وتمكين النساء.
من جانبه، قال ادريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، إن تطبيق مدونة الأسرة، التي جاءت نصوصها قبل عشرين سنة، وشكلت آنذاك “قفزة كبرى”، أبان عن وجود “اختلالات”.
وأوضح لشكر أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يراهن على أن تكون التعديلات التي ستهم مدونة الأسرة “مستجيبة لروح العصر ومنصفة”، مؤكدا على ضرورة استحضار المرأة والمصلحة الأساسية للطفل من أجل مجتمع متوازن.
من جهة أخرى، قالت خديجة الكور، رئيسة منظمة النساء الحركيات، إن اللقاء كان مناسبة لتقديم مذكرة حزب الحركة الشعبية التي تنطلق من مرجعيته الفكرية والسياسية المرتكزة على الليبرالية الاجتماعية والديمقراطية، في إطار الخصوصية المغربية والقيم الأصيلة.
وأبرزت الكور أن المقترحات تهم مختلف بنود مدونة الأسرة بهدف “تطعيمها بإعمال المبادئ الدستورية ومقتضيات الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب”.
وشددت على أن هذه المقترحات تتأسس على الثوابت الجامعة للأمة المغربية، بغية بناء أسرة متماسكة متزنة تنبني على قيم التضامن والتآزر والتكافل والتراحم .
هذا، وتأتي هذه الاجتماعات في إطار الاستشارات وجلسات الاستماع التي تعقدها الهيئة مع مختلف الفاعلين المعنيين، تنزيلا لمضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة بشأن إعادة النظر في مدونة الأسرة.
وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد أكد في رسالته السامية، على ضرورة إعادة النظر في مدونة الأسرة، التي مكنت من إفراز دينامية تغيير إيجابي، من خلال منظورها للمساواة والتوازن الأسري وما أتاحته من تقدم اجتماعي كبير، وذلك بهدف تجاوز بعض العيوب والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي.
وأشار جلالة الملك إلى ضرورة أن تتواءم مقتضيات مدونة الأسرة مع “تطور المجتمع المغربي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتأمين انسجامها مع التقدم الحاصل في تشريعنا الوطني”.