تاجر مخدرات كبير يلقب بـ “المالي” و”إسكوبار الصحراء” نسبة إلى اسم مهرب المخدرات الكولومبي الشهير بابلو إسكوبار الذي توفي قبل 30 عامًا، أما هويته الحقيقية فهي الحاج أحمد بن إبراهيم، ولد سنة 1976 في كيدال بمالي، من أم مغربية أصولها من مدينة وجدة وأب مالي.
تقول أسبوعية جون أفريك، أن تاجر المخدرات، جر شخصيات مغربية مشهورة في عالم الرياضة والسياسة، ليلة الجمعة الماضية إلى سجن “عكاشة” بالدار البيضاء، في ملف ثقيل بدأ قبل 13 سنة.
وفجر هذا الملف “بارون المخدرات” في الأشهر القليلة الماضية، بعدما أمضى أربع سنوات في زنزانة سجنه بالجديدة، حيث يقيم منذ سنة 2019.
من ابن لراعي الإبل إلى اسكوبار الصحراء
وتابعت الأسبوعية، أن الحياة التي عاشها كانت متواضعة بسيطة مثل أي ابن لراعي إبل”، لكن الصدفة لعبت دورها حين لقائه بمشاركين في رالي باريس دكار، وأخذت حياته منعطفًا غير متوقع عندما التقى برجل فرنسي ضائع في الصحراء، ومد المالي يد العون، وامتنانًا له أهداه الفرنسي سيارته.
وباع المالي السيارة بناء على نصيحة الفرنسي، ولكن بدلا من أن يحتفظ بن إبراهيم بالمال من بيع السيارة، أرسلها إلى الفرنسي، وقد أدرك الأخير مصداقية مالي وقرر إشراكه في استيراد وتصدير السيارات بين أوروبا وإفريقيا.
و بالتحول من تجارة السيارات إلى الذهب، قام المالي تدريجياً ببناء شبكة عبر منطقة الساحل والصحراء، وهي مناطق ساخنة للجريمة المنظمة، وتوسعت خبرته لتشمل تعقيدات المعابر الحدودية والطرق والجمارك وغير ذلك.
وقد أتاح له ذلك اكتساب فهم عميق بالمنطقة، بما في ذلك قبائلها ولهجات مجتمعات الأزاواد، ورسم خرائط منطقة الساحل والصحراء، وهي مجموعة من المهارات النادرة كانت لا تقدر بثمن.
ووفق تقرير جون أفريك، تمكن “إسكوبار الصحراء” بسرعة من الانتقال “إلى مستوى ثان من العمل باستغلال معرفته بالصحراء في تجارة المخدرات، حيث بدأ في استعمال الطائرات الصغيرة لنقل الكوكايين في البداية من أمريكا اللاتينية إلى الغرب الإفريقي، وساحل العاج والسينغال وغينيا بيساو والسيراليون”.
كما تمكن -تضيف الأسبوعية- “من تحويل كميات من هذه المخدرات سواء برا عبر مالي والنيجر والجزائر وليبيا ومصر، أو بحرا عبر السواحل المغربية ثم أوروبا، فأصبح بسرعة من أكبر تجار المخدرات في القارة”.
حياة الأثرياء
وتضيف المجلة في تقريرها، أن التجارة الدولية للمخدرات فتحت أعين “المالي” على العالم وبدأ يعيش حياة الأثرياء، تزوج بابنة مسؤول عسكري بوليفي كبير، وربط علاقات مع النساء في كل بلدان عمله، يقال إن له ابنا في كل بلد، ووسع ممتلكاته بشراء جزيرة خاصة في غينيا وشققا في البرازيل وروسيا وأراضي في بوليفيا.
وكانت عمليات بارون المخدرات تسير بسلاسة، و قام بشراء العديد من الشقق في مارينا السعيدية، واستثمر في العديد من الشركات والمصانع، وأقرض مبالغ كبيرة لشركائه الجدد في اللعبة.
حسب “جون أفريك”، فإن الرغبة في توسيع قائمة ممتلكاته قادته إلى المغرب ليشتري “فيلا في الدار البيضاء وشققا في مسقط رأس أمه وجدة، وحصة في فندق فاخر في إسبانيا، وقرر أن يدرس وحصل على شهادة من جامعة بريطانية.”
كان دخول بارون المخدرات المالي إلى المغرب عبر اقتناء عدة عقارات، حيث كانت بداية تقاربه سنة 2010 مع منتخب في جهة الشرق، وآخرين في الشمال والوسط وبالتحديد في مدينة الدار البيضاء.
وحسب المجلة، فإن هذا التقارب كان الهدف منه “توزيع القنب الهندي، ووزع بالفعل كميات تتراوح ما بين 30 و40 طنا في عمليات تتم ما بين ثلاث وأربع مرات سنويا.”
بعد خمس سنوات من ذلك، جرى توقيفه في موريتانيا، وفي عام 2015، بعد مطاردة استهدفها الإنتربول، لكن تم إطلاق سراحه في عام 2019 بفضل شبكته التي تضم جنودا وقضاة موريتانيين.
وفي اليوم الذي كان من المفترض أن يعبر فيه الحدود ويغادر موريتانيا، تم اعتقاله مرة أخرى، قبل أن تقررمحكمة العاصمة نواكشوط عدم الاختصاص.
اعتقالات ومتابعات
بعد إطلاق سراحه، كان المالي يهدف إلى استعادة ممتلكاته، وزعم أنه اكتشف أن رئيس نادي كرة القدم استولى على الفيلا التي يملكها في الدار البيضاء، في حين استولى مسؤول من المنطقة الشرقية أيضا على شقته في الدار البيضاء، بل خلال السنوات الأربع التي قضاها في السجن، استولى شركاءه السياسيون على أكثر من 3.3 مليون يورو.
وتلك، كانت بداية التوتر مع معارفه المغاربة، الذين اتهمهم بالاستيلاء على ممتلكاته و”تدبير مكيدة له حيث حجزت السلطات المغربية 40 طنا من المخدرات في محطة استراحة في الجديدة، تم شحنها على متن مركبات تابعة لشركة كانت في ملكيته، لكنه باعها لنائب برلماني بالشرق الذي لم يغير البطائق الرمادية للشاحنات، وهو ما قاد المالي للتوقيف فور وصوله للمغرب.”، وذلك رغم تلقيه تأكيدات من شركائه بأنه غير مطلوب في المغرب، وفي النهاية وجد نفسه خلف القضبان في الجديدة.
واتهم المالي شركاءه المغاربة بالخيانة، وادعى أن السلطات المغربية تفتقر إلى أدلة ملموسة ضده في تهريب المخدرات، وأكد أنه وقع ضحية لمؤامرة دبرتها شخصيات مغربية مختلفة.
ويواجه المالي اتهامات بالإتجار الدولي بالمخدرات ويقضي حاليا عقوبته في السجن، وأفضت نتائج الأبحاث المنجزة، عن تقديم 25 شخصاً أمام النيابة العامة، من بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بإنفاذ القانون بالإضافة إلى أشخاص آخرين ارتكبوا افعالاً لها ارتباط بالموضوع.