ثقة تيفي
أكد المجلس الأعلى للحسابات في تقرير أنشطته برسم 2022/2023، أن الحماية الاجتماعي بالمغرب رغم التطور الملحوظ والمستمر الذي عرفته خلال العقود الأخيرة، إلا أنها لا تزال تمثل تحديا سواء من حيث نطاقها أو مضمونها أو تمويلها و حكامتها.
ونتيجة لذلك، كان جزء كبير من السكان لا يستفيد من أية تغطية سواء للتقاعد أو في المجال الصحي، بالإضافة إلى غياب نظام فعال بمعايير ناجعة لاختيار الساكنة المستهدفة، غالبا ما كان يحول دون إعمال التدابير والبرامج الاجتماعية لفائدة الفئات المعنية وبصفة ناجعة.
وأكد التقرير المرفوع إلى أنظار الملك محمد السادس، أنه رغم التدابير والإجراءات العملية التي تم تفعيلها، فحسب المعطيات المدلى بها من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يتجاوز عدد المسجلين 1,87 مليون إلى حدود نهاية شتنبر الماضي، تشكل أربع فئات أكثر من 87 في المئة (فلاحون، مقاولون ذاتيون، حرفيون، وأشخاص خاضعون لنظام مساهمة مهنية موحدة). ويبقى هذا الرقم وفق المجلس- بعيدا عن ثلاثة ملايين منخرط رئيسي الذي حددته الاتفاقيات.
كما سجل تقرير مجلس العدوي المنشور في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، أن عدد المنخرطين الذين يتوفرون عل حقوق مفتوحة للاستفادة من التأمين لا يتجاوز 266 ألف منخرطا أي ما يعادل 13 % فقط.
وتابع التقرير، أن استخلاص الاشتراكات المستحقة المقدر بـ 4.955 مليون درهم، لم يتعد مبلغ 1.337 مليون درهم أي بنسبة تحصيل متوسط لا تتجاوز 27 في المئة، في حين بلغت النفقات التي تم أداؤها إلى غاسة شهر غشت ما يناهز 1.182 مليون درهم، وهو ما يعني –حسب المجلس- أن النظام يهدده خطر العجز خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة.
وخلص المجلس، أن تحقيق أهداف تعميم الحماية الاجتماعية قد تواجهه بعض المخاطر، التي يمكن اعتبارها في آن واحد عوامل نجاح رئيسية للإصلاح، وتتجلى خاصة في التمكن من استقطاب جميع الأشخاص المستهدفين، سواء الفئات القادرة على الوفاء باشتراكاتها، أو الفئات غير القادرة على تحمل الاشتراكات، للانخراط في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
ومن المخاطر أيضا، القدرة على تحقيق توازن نظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بفئة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وذلك في ظل ضعف نسبة استخلاص الاشتراكات المستحقة التي لا تتعدى 27 بالمائة، موازاة مع ضعف نسبة المستفيدين مفتوحي الحقوق والتي لا تتجاوز 13 بالمائة.
وأضاف التقرير كذلك، الإلمام الدقيق بالساكنة المستهدفة بالتأمين التضامني وضبطها، سواء من حيث أعدادها أو حاجياتها الفعلية من الخدمات الصحية والتي ستتحمل الدولة تكاليف تغطيتها وذلك من أجل تحديد مبالغها وضبط الموارد المالية الممكن تعبئتها.
وأبرز التقرير تحدي تطوير عرض العلاجات بالقطاع العمومي وتأهيله لاستقطاب جزء هام من طلبات العلاجات، وتدعيم قدراته التدبيرية من أجل الرفع من موارده وتجويد العلاجات وتخفيف العبء على ميزانية الدولة، مع تعزيز قدرات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل التمكن من تحصيل الاشتراكات المستحقة والتدبير الفعال للكم الكبير من الملفات الناتجة عن تعميم التغطية الصحية الإجبارية، ومن أجل ضمان توازن هذه التغطية، وإرساء نظام مراقبة فعال للتصدي لمختلف أنواع الغش.
كما توقف التقرير عند تحدي تجاوز النقائص التي تعاني منها الحكامة، خاصة بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يقوم على تدبير غالبية أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض.
في معرض حديثه عن التوصيات، أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات على ضرورة إحداث الآليات المستدامة المناسبة لتمويل باقي مكونات الحماية الاجتماعية خاصة التعويضات العائلية.
بالإضافة إلى إعادة النظر في حكامة منظومة الحماية الاجتماعية بصفة عامة، وفي حكامة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بصفة خاصة، أخذا بعين الاعتبار المهام الجديدة التي أسندت إليه.
كما أعاد المجلس الأعلى تأكيد التوصيتين اللتين أصدرهما في تقريره السنوي لسنة 2021، والمتعلقتين بـ “اعتماد آليات التمويل الكفيلة بضمان استدامة واستمرارية التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بالإضافة إلى تمكين المؤمنين من حصة ملائمة لتغطية تكاليف العلاجات”، ثم تطوير وتأهيل المؤسسات الاستشفائية قصد توفير عرض العلاجات وتحسين جودة الخدمات الصحية في القطاع العام على صعيد جميع جهات المملكة.