عبد الرحيم الجامعي
الوزير الأول الفرنسي السيد كبريال أطال ATTAL الذي عين قبل أيام في منصبه ينتمي لعائلتين الأولى عائلة المثليين والثانية عائلة الرئيس ماكرون السياسية.
فأما عائلته الأولى فلا تعني أحدا بل الأمر يتعلق بحريته الشخصية وبحياته الخاصة وبثقافته الجنسية، وليس بخفي عن الفرنسيين أن شريك حياته Stéphane Séjourné هو كذلك شخصية موهوبة وطموحة سياسيا وديبلوماسيا بالنظر لمسار حافل من المهام التي تولاها خصوصا مع الرئيس الفرنسي خارج أو داخل الإليزي، وأتمنى ألا يغضب المناهضون للمثلية من حكام العالم ومنهم حكام العرب من الوزير الأول كبريال أطال ويرفضون استقباله أو يكفرون فرنسا ويقاطعونها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وإعلاميا ويذهب بهم الخيال نحو إصدار الفتاوى بتحريم مصافحته ومجالسته على الموائد السياسية والاقليمية والدولية.
وأما العائلة الثانية وهي العائلة السياسية فهي دون شك تتولى الملفات الماكرونية الثقيلة والمتشعبة والتي ستظل فوق مكتبه ترتوي من رؤية الرئيس وتوجهاته وبالخصوص القضايا التي تشغل الرأي العام وأولها ومقدمتها الموقف من قضية الحرب القذرة والعدوان الهمجي للكيان الصهيونى على الشعب الفلسطيني وعلى قطاع غزة التي وصلت شهرها الرابع تحت حريق الطائرات والدبابات و كل الآلية العسكرية لمجرمي الحرب للإسرائليين، وملف الأجانب والمهاجرين وملف العلاقات مع دول إفريقيا محمياتها السابقات، وغيرها…
الكثيرون يطرحون أسئلة ومنها سؤال المستقبل، ويتعلق بماذا عسى أن يحمله معه الوزير الأول الفرنسي الجديد للفرنسيين وللعالم في مجال العلاقات السياسية الدولية لفرنسا، رغم أن التنبؤات تشير إلى أن الاختيارات الماكرونية ثابتة ولا يمكن لوزير كان ولا زال تحت مظلة الرئيس مدللا أن يغير الاتجاه أو يعدله، بل لا ينتظر منه حتى مراجعة القوانين التي تسيئ لوجه فرنسا الحقوقي مثل قوانين الهجرة وطرد الأجانب وتفكيك الأسر وتجريد الفرنسيين المجنسين من الجنسية وحرمان الأجانب من بعض الخدمات الاجتماعية….وكلها وجدت ترحيبا من الحزب المكروني الجديد ومن أحزاب اليمين الأخرى والتي عارضها حزب فرنسا الأبية والاشتراكيين ووجدت فيها جماهير واسعة خيبة أمل وخزي وعداء للطبقة السياسية اليمينية بمختلف صورها وحجمها، ولا ينتظر من فرنسا كذلك حتى في الأمد البعيد أن تغير تعاملها مع إفريقيا التي لا زالت تعتبرها ثرواتها الاستراتيجية وترى فيها مختبرا لقوّتها الأمنية والمخابراتية والعسكرية ومدى سيطرتها على مصير اختيارات شعوبها من باب تدبير الانقلابات والإطاحة بالرؤساء….
من الأكيد أنه لن يعود عهد التنوير لفرنسا من جديد، لأن فرنسا فقدت روادها في حملة المبادئ الثورية والحقوقية التي شكلت تاريخا جديدا للعالم كله طوال قرون في كل أوروبا إلى جانب المثالية الألمانية والمبادئ الماركسية وغيرها، ولن تعود الحلقات الفكرية التي قادت فرنسا وغيرها نحو تحطيم هيمنة الكنيسة والفصل بين الدين والدولة ووضع الدساتير الداعية للحرية والمساواة، وذلك أمام عالم يترنح من بربريته وحروبه اللاعقلية وأصولياته العنصرية القاتلة والتي تعتبر فرنسا وجها بارزا منخرطا سياسيا ودبلوماسيا في الحفاظ على لهيبها…… يجب إحراق غزة دفاعا عن اسرائيل، هذا هو إيمانويل ماكرون.