توفي مساء يوم أمس السبت 20 يناير 2024 عميد الأدب المغربي المستشار الملكي والمفكر والأديب الدكتور عباس الجراري عن سن ناهز 87 عاما ، بالمستشفى العسكري بالرباط إثر تعرضه لوعكة صحية.
ولد الجراري يوم 15 فبراير 1937 في الرباط، لأسرة علمية، وقد تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب، والتحق بمدرسة أبناء الأعيان ثانوية الليمون ثم ثانوية مولاي يوسف، وتعلم اللغة العربية والعلوم الإسلامية على يد والده عبد الله الجراري العلامة وأحد رواد الحركة الثقافية المغربية.
وأكمل تعليمه في جامعة القاهرة بمصر، حيث حصل على البكالوريا عام 1957 والإجازة في اللغة العربية وآدابها عام 1961، والماجستير عام 1965، ودكتوراه الدولة في الآداب عام 1969.
ومن جامعة السوربون بفرنسا حصل على دكتوراه ثانية، و شارك عام 1981 في برنامج “فولبرايت” للتميز في التدريس بأميركا (برنامج التعاون المغربي الأميركي في المجال التربوي والثقافي).
التحق بالسلك الدبلوماسي لسفارة المغرب في القاهرة عام 1962، وانضم إلى هيئة التدريس في جامعة محمد الخامس في فاس ثم في الرباط عام 1966. ثم انتخب رئيسا لشعبة اللغة العربية وآدابها عند تأسيسها في كلية الرباط عام 1973، وانتخب عضوا في اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي وفي مكتبها التنفيذي (1969-1973).
عين مديرا للدراسات الجامعية العليا لتكوين أطر التدريس في الجامعة عام 1982، وعين عام 1998رئيسا لوحدة أدب الغرب الإسلامي للدراسات العليا.
ثم عينه الملك الحسن الثاني عام 1979 أستاذا في “المدرسة المولوية”، فدرّس الفكر الإسلامي، والتربية الوطنية، والتربية الإسلامية، والنصوص الأدبية.
و شغل عضوية أكاديمية المملكة المغربية والمجلس العلمي الإقليمي لولاية الرباط عام 1983، وعينه الملك الحسن الثاني في الديوان الملكي في يناير 1999، ثم عينه الملك محمد السادس في منصب مستشار ملكي يوم 29 مارس 2000. كما حصل على عضوية عدد من المجمعات العلمية والاتحادات والهيئات الاستشارية المحلية والعربية والدولية.
ساهم الجراري بدور كبير في النهوض بالحياة الثقافية والفكرية والأدبية بالمغرب وخارجه، وبرز اسمه في قضايا الحوار بين الأديان وتحالف الحضارات والتقريب بين المذاهب الإسلامية.
وألقى حوالي تسعة دروس ضمن سلسة “الدروس الحسنية” التي كانت تلقى في شهر رمضان أمام الملك الراحل الحسن الثاني. دافع بقوة عن اللغة العربية، وعرف عنه أيضا اهتمامه بفنّ الملحون حيث كتب وألف فيه عددا من المقالات والكتب.
كان يعقد لقاءا أسبوعيا في بيته كل يوم جمعة بعنوان “النادي الجراري” يحضره عدد مهم من تلامذته ومحبيه من الأدباء والمفكرين، وقد ساهم النادي في إصدار بحوث قيمة، وأطلق في 27 يونيو 2009 جائزة عبد الله الجراري في الفكر والأدب، تركز كل سنتين على مواضيع التراث الفكري والأدبي وموقف الفكر والأدب من قضايا الأمة ومشكلات العصر وغيرها.
كتب وألف عشرات الكتب التي اهتمت بالدراسات المغربية والتراث الشعبي والأدب العربي الإسلامي، وكذلك الدراسات الأندلسية وقضايا الفكر والثقافة، وقد تجاوز المطبوع من مؤلفاته 80 كتابا.
و من أعماله الأدبية والفكرية: “القصيدة: الزجل في المغرب”، و “من وحي التراث”، و”الثقافة في معركة التغيير”، و”وحدة المغرب المذهبية”، و”الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه”، و”خطاب المنهج”، و”الثقافة من الهوية إلى الحوار”، و”الذات والآخر”، و”بقايا كلام في الثقافة”، و”هويتنا والعولمة”، و”الحوار من منظور إسلامي”، و”قضايا للتأمل برؤية إسلامية”، و”الإصلاح المنشود”، و”رحيق العمر”.
كرمته جهات و مؤسسات علمية وجامعية مغربية وعربية ودولية بحوالي 24 وساما، منها وسام العرش الملكي عام 1980، ووسام العرش من درجة ضابط عام 1994، ووسام الكفاءة الوطنية من درجة قائد عام 1996. ومن مصر وسام الاستحقاق عام 1955، ومن تونس وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من تونس.