ثقة تيفي.
على خط التماس مع المستطيل الأخضر بأرض الملعب، يقف عموتة (54 عاما) في كل أحواله مدربا هادئا صارما، لا يحتفل إذا سجل فريقه هدفا إلا نادرا، بينما يظهر شديد الدقة في ترتيب أوضاع الفريق حينما “يكون الحساب الحقيقي في البطولات الكبرى”، كما يقال.
فالرجل الذي يلقب بـ”العابس” لقلة اللحظات التي يبتسم فيها خلال المباريات، قادر على ترك أي لاعب غير منضبط بجرأة وشجاعة نادرين.
والمثال على ذلك، ما وقع خلال مباراة الأردن مع العراق عندما اشتبك مع المهاجم البديل حمزة الدردور، الذي تهجم بعنف على جهازه الفني، فكان مصير الهداف التاريخي للمنتخب الاستبعاد عن البعثة.
يحكي المسار الكروي لعموتة الذي لعب للمنتخب المغربي خلال سنوات ما بين 1991 و1994، وكان جزءاً من المنتخب في الألعاب الأولمبية لعام 1992، أنه كان مفتاح الكثير من الأبواب المغلقة في وجه ألقاب سعت إليها الفرق التي أشرف على تدريبها طويلا.
فقد قاد المغرب إلى لقب كأس إفريقيا للاعبين المحليين (2020)، والوداد البيضاوي إلى دوري أبطال إفريقيا (2017)، وقبله الفتح الرباطي إلى كأس الكونفدرالية (2010)، فضلاً عن عدّة ألقاب محلية مع السدّ القطري بكتبة من النجوم أبرزهم المدرب الحالي لبرشلونة تشافي هرنانديز.
يعرف عموتة، الذي جعل الجماهير الأردنية تتغنى باسمه في بطولة ملأ فيها الجمهور الأردني الشوارع فرحا بالتأهل إلى النهائي، أنه مع هذا الإنجاز زادت أحلام الأردنيين، فيرفع الطموح وسط احتفالات صاخبة مع لاعبيه في أرضية الملعب: “هذا إنجاز ممتاز، وهو إنجاز قاري… إن شاء الله تكتمل الفرحة”.
جاء عموتة إلى الأردن، في أول تجربة حقيقية له مع منتخب أول، بعد حوالي 17 عامًا من تدريب الأندية ومنتخبات الفئات العمرية، لكن الأشهر الأولى من عهده لم تكن موفقة.
تعرض لحملة عنيفة من الانتقادات، نتيجة فشله في تحقيق أي فوز في المباريات السبع الأولى تحت إشرافه، وكانت كثير من الأصوات تطالب بإقالته من تدريب منتخب “النشامى”، قبل بطولة أمم آسيا المقامة حاليا في قطر.
لكن المدرب الذي بدأ مساره كلاعب عام 1988 في خط الوسط، أسكت منتقديه من خلال قيادة «النشامى» إلى إنجاز تاريخي بالتأهل إلى نهائي كأس آسيا لأول مرة في تاريخه، بعد الفوز 2- صفر على كوريا الجنوبية اليوم الثلاثاء.
وسجل يزن النعيمات الهدف الأول في الدقيقة 53 بعد تمريرة من موسى التعمري الذي سجل الهدف الثاني بعدها بنحو 13 دقيقة.
حق لابن الخميسات، أن يفرح ويعبر عن الانتشاء بالانتصار، وهو يقول “أنا أسعد مدرب في القارة أو العالم، وهذا يوم تاريخي لنا، ودائما أؤمن أنه عمل جماعي وكل الشكر والتقدير للاعبين، فقد لعبنا بمستوى عال والخصم ليس سهلا”.
لا يفهم الرجل إلا لغة الأرقام، ووصفته إلى ذلك ما قاله: “لا أهتم بما يقوله الناس والإعلام. منذ 15 عاماً أو أكثر لا أقرأ الانتقادات والتعليقات، أنا أؤمن بالعمل الذي أقدّمه”
ويقول بكل ثقة “اكتسبت الخبرة، وتعلمت ألا أظلم أي لاعب، وأن أتخذ القرار الصحيح. متأكد أن من يتحدث لا يعرف خبايا بعض الأمور، هناك تفاصيل صغيرة ودقيقة لا يمكن أن تكون ظاهرة للجميع”.