فكرة إحداث صحيفة “ثقة تيفي” يحملها ثلة من الصحفيات والصحفيين دوي تجربة معتبرة لا تقل عن 15 سنة من العمل الصحافي، سواء في صيغته الورقية أو الرقمية. تميز عملهم خلالها بالمهنية والمسؤولية والمصداقية، ويومنون بهذا المشروع ليس كفرصة عمل بل كقضية تهم رسالة الاعلام النبيلة وخدمة المجتمع.
ويأتي إحداث صحيفة ثقة تيفي في سياق بلغت فيه وسائل الاعلام الحديثة غایات بعیدة في عمق الأثر النفسي والمجتمعي الذي تُحدثه، وفي قوة التوجیه وشِدته، أدت إلى تحولات جوهرية في دور الإعلام جعلت منه المحور الأساس في منظومة المجتمع.
وتشكلت بيئة إعلامية كرست هيمنة متنامية للتواصل الاجتماعي الرقمي على زمن الأسرة والأفراد، وخاصة الأطفال والمراهقين، وأحدثت تحولات ثقافية مقلقة جعلت كثيرا من الخبراء يدقون ناقوس الخطر حول تداعيات الانهيار القيمي الذي ينتشر عبرها على المجتمعات والعلاقات الاجتماعية في المستقبل.
وعرفت ثورة التواصل الرقمي قفزات جديدة عبر العوالم الافتراضية مثل الميتافيرس الذي يتوقع أن يكون له تأثير كبير في مجال التواصل الاجتماعي.
وتعاظمت ظاهرة “المؤثرين” عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتشكل سوقا تستقطب اهتمام مختلف الدوائر المتنافسة على صناعة الرأي العام.
وتفاقم انتشار “التفاهة” والأخبار الزائفة، واستِباحة القيم الأساسية للأسرة والمجتمع، …
وتسارع انتشار التوجهات اللاهثة خلف استقطاب واستجداء المتابعين وتسول “اللايكات” بغرض كسب المال دون إعارة أي اهتمام للأثر الاجتماعي المدمر لسلوكها الإعلامي الفوضوي…
وسيتعزز كل ما سبق مع تنامي دور الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الرقمي نصا وصورة وفيديو.
وفي ظل تلك التحولات، التي تزخر أيضا بالكثير من الإيجابيات، تواجه المجتمعات والأسر والقيم الاجتماعية الأساسية التي تشكل لُحمَتهما، تحديات كبيرة وضغطا قويا على جميع المستويات.
وفي هذه الوضعية أصبحت المجتمعات والأسر، أكثر من أي وقت مضى، في أمس الحاجة إلى إعلام صديق لهما.
وفي هذا الإطار جاءت فكرة المشروع الإعلامي “ثقة تيفي” ليسهم، إلى جانب المنابر الإعلامية الجادة، في خدمة المجتمع، وخدمة رسالة الإعلام النبيلة، وتعزيز إيجابيات التطور التقني في مجال الاتصال والتواصل الاجتماعي، ويكون إضافة نوعية في عالم الإعلام الرقمي ولبنة من لبنات إعادة الثقة لهذا الحقل الحيوي.
لماذا اسم “ثقة”؟
الثقة بين الإعلام والجمهور هي أكثر شيء تضرر بفعل ممارسات غير إعلامية متراكمة صنعت صورة نمطية سلبية حول الصحافة والصحفيين، وحول العمل الصحافي والإعلامي بشكل عام.
ونريد أن نسهم إلى جانب الإعلام الجاد، في ترميم تلك العلاقة وإصلاح تلك الصورة، وفي إعادة ثقة الجمهور في الإعلام، من خلال ممارسة إعلامية احترافية وجادة اخترنا لها عنوان “الثقة”.
واخترنا أن يعبر الاسم على هدفنا الأساس، كي نكون واضحين في تعاقداتنا مع الجمهور، وليكون نجاحنا في علاقتنا به لا يقاس فقط برقم يعكس حجم ذلك الجمهور ولكن بالأساس بحجم رصيد ثقة ذلك الجمهور في عملنا.
ونحن واعون أنه رهان صعب تحفه الصعاب من كل جانب، لكننا عازمون على تحقيقه بحول الله، إخلاصاً لرسالة الإعلام النبيلة، وتقديرا لحق الجمهور في إعلام يحترمه ويقدره.
بماذا نعد جمهورنا ومتابعينا؟
أول شيء، وأهمه، هو أن نكون أوفياء للاسم الذي اخترناه عنوانا لعلاقتنا به.
ثاني شيء، هو أن النجاح في تعاقدنا مع الجمهور، والذي تلخصه كلمة “ثقة”، يتطلب منا قدرا كبيرا من الاستقلالية، لذلك فقراراتنا التحريرية محصنة من أي تأثير لأي جهة غير خطنا التحريري وضميرنا المهني.
وثالث شيء، هو أن عملنا وفق “قاعدة ما يطلبه الجمهور” تحكمه 6 عناصر أساسية تؤطرها الجودة، وهي: الدقة، والموثوقية، والفائدة، والتنوع، والتجدد، والمسؤولية.
ونقصد بالدقة، تطابق ما ننشره من معلومات وأخبار مع ما تعبر عنه المصادر وتسجله الوقائع تطابقا تاما.
ونقصد بالموثوقية، صدق المعلومات التي تقدم للجمهور، والتي تعكس درجة عالية من الالتزام بمعايير الأخلاقيات المهنية والتحقق من المعلومات والمصادر والتأكد من صحتها وصحة تفاصيلها قبل نشرها.
ونقصد بالفائدة، أننا نعمل على تحقيق رغبات الجمهور التي تعود عليه بالنفع، احتراما وتقديرا له، وأن ما نقدر أن لا فائدة فيه، لن نشتغل عليه، أي وفق قاعدة “ما ينفع الجمهور”.
ونقصد بالتنوع، أننا نقدم ما يطلبه الجمهور مما هو دقيق ونافع وممتع من خلال باقة من البرامج المتنوعة، والتي تعمل على تلبية رغبات الجمهور المتنوعة أيضا. ما يعني أن عملنا الأساسي يرتكز على برامج تبحث عن المعلومة والمصادر، وليس فقط على متابعة المستجدات.
ونقصد بالتجدد، تقديم مضمون يسابق زمن التواصل الاجتماعي الرقمي في تقديم المستجدات، بشكل يقارب اللحظية التي أصبحت تطبع حاجة الجمهور إلى المستجدات.
ونقصد بالمسؤولية، المسؤولية الاجتماعية والسياسية لعملنا الإعلامي، أي أننا نستحضر طبيعة الأثر الذي سيخلفه عملنا، سواء على الفرد أو الأسرة أو على المجتمع ككل. ونمتنع بصرامة عن نشر أي مضمون سيكون له أي أثر سلبي أو مدمر على الفرد أو الأسرة أو النسيج الاجتماعي، أو سيكون مضرا بالوطن وبمصالحه العليا، أو يمس بثوابت الأمة المغربية كما حددها الدستور.
إن شعار “ثقة تيفي” يمكن اختصاره في: مَصدرُك الموثوق المتجدد
ما هو التوجه الإعلامي لـ “ثقة تيفي”؟
التوجه الأساس للمشروع الإعلامي “ثقة تيفي” توجه مجتمعي، أي أن عمله موجه لخدمة المجتمع وفق ما ذكرناه سابقا من محددات منهجية، وفي هذه المقاربة تحضر الأسرة بكل مكوناتها (الرجل والمرأة والطفل)، وتحضر فئات اجتماعية مثل النساء والمسنين، ودوي الاحتياجات الخاصة، والموظفين، وغير ذلك، ويحضر المجتمع بما يعتمل فيه من ظواهر وقضايا.
ما موقع السياسي في اهتمامات ” ثقة ثيفي “؟
ما هو سياسي لا ينفك عما هو إعلامي من حيث المبدأ، ومن حيث المنهج يحضر السياسي بشكلين، الشكل الأول حضور تحكمه مقاربة اجتماعية، وهي مقاربة تستحضر الأثر الاجتماعي للسياسي، وهذه المقاربة ستكون غالبة. والشكل الثاني حضور مباشر، لكن يضع نفس المسافة بين مختلف الفاعلين السياسيين والحساسيات المجتمعية، ولا ينزلق إلى التقاطب والاصطفاف، ولا ينزل إلى مستوى النميمة السياسية، وتَرصُّد أخبار الأشخاص، والنبش في حياتهم الخاصة، والاستثمار في الإثارة والتفاهة والأخبار الزائفة.
كيف يحضر البعد النقدي الذي يميز الإعلام الجاد في عملنا؟
صحيفة ثقة تيفي منحازة للحقيقة في الإخبار، وللمجتمع في زوايا المعالجة والتحليل.
وهذا الانحياز المنهجي ملتزم بعدم السقوط في استهداف الفاعلين السياسيين أو الاقتصاديين أو الاجتماعيين، أو الدينيين أو أي فئة من فئات المجتمع.
والبعد النقدي للسياسات والفاعلين ستحكمه المقاربة المجتمعية كما سبق تعريفها وكما تضبطها سياستنا التحريرية، أي بيان ما ينفع أو يضر المجتمع والأسرة في السياسات وفي مشاريع ومبادرات مختلف الفاعلين، وبيان أثرها الاجتماعي من خلال آراء الخبراء والمختصين.
هل من فرص لنجاح هذا الاختيار في ضل انتشار “المحتوى التافه”؟
انتشار التفاهة لا يعني أن الجمهور يعشقها ولا يريد غيرها، بل فقط لأن “المحتوى التافه” ملأ الفراغات الكبيرة التي تركتها الأعمال الجادة والمفيدة، ولأنه سلك إلى الجمهور مداخل سيكولوجية ترتكز على الإثارة.
والواقع أن الجمهور، في ضل الانتشار الواسع للتفاهة والأخبار الزائفة، متعطش أكثر من أي وقت مضى إلى المضامين الموثوقة والقيمة والنافعة والدقيقة، ويكفي لهذه الأخيرة أن تسلك طريق الإبداع والتجديد في الأساليب والقرب من هموم الناس بعيدا عن الابتدال، لتكسب رهان ثقة الجمهور.
لا يمكن تجاهل التحولات التي عرفها الجمهور نتيجة التحولات التي أحدثها ثورة تكنولوجيا الاتصال في حقل الإعلام، كما لا يمكن تجاهل ميلاد “إعلام” جديد يقوده “منطق” منصات التواصل الاجتماعي، لكن لا يمكن بالمقابل إلا التأكيد على أن السبيل لمقاومة التفاهة والأخبار الزائفة هو في بذل الجهد لإبداع “وصفات” تناسب التحولات التي عرفها الجمهور في إطار رسالة الإعلام النبيلة وأخلاقياته.
إن ما سبق يلخص الخطوط العريضة لرؤيتنا للعمل الإعلامي والصحافي الذي نعتزم خوضه من خلال صحيفة “ثقة تيفي”، وتشكل الميثاق الأخلاقي الذي يجمعنا مع الجمهور ومختلف الفاعلين.