يسعى كثير من الآباء إلى التمكين لعادات صحية لدى أطفالهم، مدركين أن بناء العادات الصحية من أنجع الأساليب التربوية، والتي تضمن استمرارية السلوك الصحي لدى أبنائهم في المستقبل البعيد.
ومن الأمور التي يحرص الآباء على تعويد أطفالهم عليها المواظبة على التمارين الرياضية، لعلمهم بأهميتها الحيوية في الصحة البدنية والنفسية.
ويحار العديد من الآباء في كيفية تحبيب الرياضة لأبنائهم، فقد لا تكفي كل الأحاديث عن فوائدها. كما قد لا تغري تلك الصحية الطفل الصغير ليتخطى عتبة الخمول إلى ساحة النشاط والحركة.
ولبلوغ تلك الغاية يتفنن الآباء في تغيير “الاستراتيجيات” التي من شأنها أن تجعل طفلهم يحب الرياضة ويحافظ عليها. لكن أحيانا يستمر الآباء في عاداتهم الرياضية ويتخلف الأبناء عن اللحاق بهم رغم كل الجهود والتي قد لا تسلم أيضا من أنواع من العنف الرمزي.
فوائد جمة .. فما السبيل؟
حسب الجزيرة نت، من المؤكد أن الصغار يتأثرون بسلوكيات المربين عبر ما يعرف بالقدوة، وعلى الرغم من أنهم قد يبدؤون في الركض فقط ليكونوا مثل آبائهم، إلا أنهم قد لا يلتزمون، أو قد يكون هذا الاهتمام عابرا. فكيف يمكن أن نجعل أطفالنا يركضون ويمارسون الرياضة، وفي نفس الوقت يحبون القيام بذلك؟
وحسب نفس المصدر، تقول المتخصصة بالطب النفسي للأطفال الدكتورة أسماء طوقان إن الرياضة “تلعب دورا مهما في تعزيز الصحة النفسية للطفل، عبر المساعدة في إفراز مواد كيميائية في الدماغ مثل الإندورفين، التي تحسن المزاج، وتقلل الشعور بالقلق والاكتئاب وتقلص التوتر”.
وأوضحت طوقان للجزيرة نت أن ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين نوعية النوم، وتحسين الانتباه والتركيز وتحسين المهارات الاجتماعية.
وتقترح طوقان عدة طرق يمكن للأهل اتباعها لتشجيع أطفالهم على الرياضة، ومنها:
- القيام بممارسة النشاط البدني بحب، والتحدث بإيجابية عنه أمام طفلك ليرى أهمية النشاط البدني من خلالك، فأنت القدوة الأولى له.
- الحرص على مشاركة الطفل في اختيار الرياضة التي تثير اهتمامه، وتوفير خيارات متعددة من الأنشطة الرياضية ليشعر بالمتعة والرغبة في ممارستها.
- جعل النشاط ممتعا من خلال اللعب مع الطفل، أو ممارسة الرياضة كعائلة.
- وضع الطفل مع مجموعة من أصدقائه في ناد رياضي ليشعر بالحماس.
- حدد للطفل وقتا مناسبًا في اليوم لممارسة النشاط البدني، ليصبح جزءا من روتينه اليومي.
الرياضة والصحة الاجتماعية
وتشير المتخصصة بالطب النفسي، حسب نفس المصدر، إلى أن الرياضة تلعب دورا هاما في تطوير العلاقات الاجتماعية لمن يمارسها، عبر عدة طرق، من بينها:
- فرصة للتواصل: عند ممارسة الرياضة، تتاح الفرص للأشخاص للتواصل والتفاعل مع غيرهم من المشاركين، سواء كانوا زملاء في فريق أو منافسين.
- العمل الجماعي: الرياضة غالبا ما تكون تجربة جماعية تتضمن العمل مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك، وهذا يعزز التعاون وبناء الروابط الاجتماعية.
- تحديات مشتركة: تواجه الفرق الرياضة تحديات مشتركة وتعلم كيفية التعامل معها، وهذه التجارب تعزز من قدرة الأفراد على التحمل وحل المشكلات معا.
- الاحترام المتبادل: الرياضة تعلم قيم الاحترام والروح الرياضية في التعامل مع الآخرين، سواء في الفوز أو الخسارة بشكل عام، إذ تعمل الرياضة كجسر يربط بين الأشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة.
دور مؤسسات التعليم
من جانب آخر، حسب الجزيرة نت، ترى المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة رولى أبو بكر أن التقاليد والروابط الأسرية بالمجتمعات العربية تشجع على الأنشطة الجماعية، وتوفر فرصا لممارسة نشاطات وألعاب رياضية مثل: جولات المشي العائلية، مسابقات الجري، شد الحبل، كرة القدم، كرة السلة، مما يساهم في تعزيز الصحة البدنية والروابط الاجتماعية.
وتضيف رولى للجزيرة نت أن للمعلمين دورا رئيسيا في تحفيز الأطفال على تبني نمط حياة نشط مع احترام الأعراف الثقافية، حيث يمكن للمعلمين إظهار كيف تعزز التمارين الرياضية هذه القيم، وتجعلها أكثر جاذبية للأطفال من خلال ربط التمارين بالتعاليم الإسلامية حول الصحة.
استثمار الإرث الثقافي
وتلعب الرقصات التقليدية والألعاب الشعبية والرياضات التراثية دورا في جعل التمارين ذات صلة ثقافية بالأطفال.
كما أن إبراز الأفراد المتفوقين باللياقة البدنية، في المجتمع العربي، يشكل مصدر إلهام للأطفال لتشجيعهم على المضي قدما في النشاط الرياضي المحبب لهم، وجعل التمارين جزءا طبيعيا من حياتهم، مما يعود بالفائدة على الصحة الجسدية والعقلية.
بم ينصح الخبراء؟
حسب نفس المصدر السابق، نشر موقع “ماراثون هاند بوك” مجموعة من النصائح لجعل الطفل يحب الجري، ويعتاد ممارسة الرياضة بانتظام، ومنها:
- اجعل الأمر ممتعا: الأطفال لن يفعلوا ذلك إذا لم يكن ممتعا، وقد لا يروق لمعظم الأطفال إخبارهم بالخروج والركض لمسافة ميل أو لمدة 10 دقائق، لذا قم بدمج أنشطة مثل القفز على الحبل، ومسارات التحديات لإبقائها ممتعة.
- كن مشجعا: أخبر أطفالك عن مدى فخرك بهم ومدى روعتهم، وهذه الطمأنينة ستمنحهم القوة العقلية لمواصلة القيام بذلك.
- تحدث عن “لماذا“: مثلا أنت تحب رياضة الجري -أو أي رياضة أخرى- لذا تحدث بصراحة مع أطفالك عن سبب حبك لها، اجعل الأمر يدور حول الفوائد العقلية والجسدية، مدى شعورك بالرضا، وابتعد تماما عن صورة الجسم أو المناقشات المتعلقة بفقدان الوزن.
- حدد الأهداف: مثلما تحدد أهدافا لنفسك، تحدث مع طفلك عن الأهداف التي قد تكون لديه، فعندما تحدد هدفا، قم بتتبعه بصريا حتى يتمكن من رؤية التقدم الذي يحرزه.
- احتفل مع طفلك: بعد أن يحقق أطفالك هدفا جديدا، أو يركضوا بشكل رائع، اسمح لهم بفعل شيء يريدون القيام به كمكافأة، مثل منحهم مبلغا ماليا أو شراء الآيس كريم، أو أي أمر يهتمون به.
المصدر: الجزيرة نت