عزيزة الزعلي
يتحدث باللسان العربي أزيد من 550 مليون شخص حول العالم، منهم 300 مليون تعد لغتهم الأم، ولغة الثانية لنحو 250 مليون، وهي تحتل المرتبة الرابعة بين لغات العالم في عدد المتحدثين بعد الصينية والإنجليزية والإسبانية، كما تشكل لغة دين لما يزيد على ملياري مسلم منتشرين في مختلف أنحاء العالم.
و تُعدّ اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، ويتوزع المتحدثون بها بين المنطقة العربية و عديد المناطق الأخرى المجاورة كتركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا.
و تحتفل الأمم المتحدة ومؤسساتها في 18 من دجنبر من كل عام باللغة العربية، باعتبارها أحد أهم أركان التنوع الثقافي للبشرية، ولغة الحضارة العربية الإسلامية، ولغة العلوم والمعرفة والآداب.
وأثنت منظمة اليونسكو عبر موقعها الرسمي على دور اللغة المحفز في المعرفة، وتعزيز انتشار العلوم والفلسفات اليونانية والرومانية في أوروبا في عصر النهضة, إذ يكشف تاريخها عن ثراء روابطها مع اللغات الأخرى.
ويعد الاحتفاء العالمي باللغة العربية إحياء لذكرى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اللغة العربية سادس لغة رسمية لها، تتويجا لجهود بذلك على مدى ما يقارب الـ 60 عاما.
ففي الرابع من دجنبر 1954 وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أصدرت ، في دورتها التاسعة القرار رقم 878 بإجازة الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية، مع تقييد عدد صفحات ذلك بـ4 آلاف في السنة.
ثم قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 1960، استخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تنظم في البلدان الناطقة بالعربية وترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
و عام 1966 جاء قرار اليونسكو بتعزيز استخدام اللغة العربية لديها وتأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في الجلسات العامة.
وفي عام 1968 قررت اليونسكو استعمال العربية لغة عمل بالتدريج مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.
وفي شتنبر 1973 صدر قرار باعتماد العربية لغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ثم اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي — عُرفت سابقا باسم إدارة شؤون الإعلام — قرارا عشية الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
وبناء عليه، تقرر الاحتفال باللغة العربية في 18 دجنبر 1973 ، وصدر في اليوم ذاته، قرار الجمعية العامة 3190(د-28) بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
و في عام 2008، الذي أقرته الأمم المتحدة عاما دوليا للغات أقرت اليونسكو إنشاء المجلس الدولي للغة، العربية واتخذت بيروت مقرا له، ثم انطلق المؤتمر الدولي الأول للغة العربية في العاصمة اللبنانية في 23 مارس 2012.
في أكتوبر 2012 قرر المجلس التنفيذي لليونسكو اختيار يوم 18 دجنبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية، وبدأ في تلك السنة للمرة الأولى الاحتفاء بهذا اليوم.
و كرست هذا التاريخ السنوي لإبراز إرث اللغة العربية ومساهماتها في الحضارة الإنسانية وتقديرا لدورها في دعم الحوار بين الثقافات ومساهماتها في التنوع الثقافي والتماسك الاجتماعي.
في 23 أكتوبر 2013، قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية ضمن العناصر الأساسية في برنامج عملها كل عام.
أعلنت اليونسكو احتفاء خاصا باللغة العربية في يومها العالمي، بمناسبة مرور 50 عاما على إعلان العربية اللغة الرسمية السادسة بالأمم المتحدة، ومرور 11 عاما على تخصيص هذا اليوم للغة العربية في 2012، واختارت أن يكون الاحتفال تحت شعار “اللغة العربية لغة الشعر والفنون”. في العام 2023.
وتتمثل الغاية من اليوم العالمي للغة العربية هذا العام، في إبراز أهمية اللغة في لم الشمل لإجراء حوار بَنّاء بين الثقافات، وتشكيل التصورات، وتعزيز التفاهم في المشهد العالمي الحالي الذي يتسم بالشكوك والاضطرابات.
تواجه اللغة العربية اليوم، تحديات كبيرة، تحول دون من مسايرة الطفرات العلمية والتقنية الهائلة التي يعرفها العالم. ففي دراسة نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان “اللغة العربية.. تحديات عاصفة ومواجهة متواضعة” كتب الناقد واللغوي والمترجم والأكاديمي الراحل حسام الخطيب “إن ما أُنجز حتى الآن في خدمة العربية لا يوازي شيئا إزاء تعاقب التحديات وسرعة تضخمها مثل كرة الثلج.”
وتساءل الخطيب ، هل ستبقى اللغة العربية أسيرة الاستعمالات الرسمية والمناسبات وأغلفة الكتب وبعض برامج أجهزة الإعلام؟ هل تتخطى ذلك باتجاه أن تصبح اللغة اليومية للإعلام، وللنشاط الفني والجماهيري، وللعمل والصناعة، وربما التجارة والتخاطب شبه الرسمي وربما غير الرسمي أيضا؟ هل يمكن ذلك؟ وكيف؟ وما هي السبل العملية؟ هل المؤشرات الحالية سانحة أم بارحة؟