وصلت أول سفينة تحمل مواد غذائية الجمعة إلى سواحل قطاع غزة الذي يعاني سكانه الجوع بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، فيما قدمت حركة حماس مقترحا جديدا بهدف التوصل إلى هدنة مع إسرائيل.
وقالت الحركة التي تطالب بوقف نهائي لإطلاق النار قبل أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، إنها مستعدة الجمعة لهدنة مدتها ستة أسابيع تشمل تبادل رهائن بأسرى فلسطينيين.
من جهته، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن وفدا سيسافر إلى قطر في إطار المفاوضات.
في الأثناء، رست أول سفينة تقطر منصة تحمل 200 طن من المواد الغذائية قبالة سواحل مدينة غزة (شمال)، بحسب صور لوكالة فرانس برس.
وقال النازح أبو عيسى إبراهيم فلفل لوكالة فرانس برس فيما ينتظر على الشاطئ بعد مشاهدة السفينة في البحر، “إن شاء الله سيحضرون الطعام للأطفال… ندعو الله أن يكون الطعام كافيا لأن الناس هنا يتضورون جوعا”.
تخشى الأمم المتحدة حدوث مجاعة واسعة النطاق في القطاع الفلسطيني، وخصوصا في شماله الذي مزقته الحرب ويصعب الوصول إليه.
واتهمت حماس الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار مجددا من “الدبابات والمروحيات” مساء الخميس على حشد كان ينتظر توزيع الدقيق عند مدخل مدينة غزة.
وأسفر إطلاق النار عن مقتل 20 شخصا وإصابة 155 آخرين، بحسب وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وأكد الطبيب محمد غراب في قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء استقبال قتلى وقال إن “معظم الإصابات في البطن والأجزاء العلوية”. وأفاد مصور متعاون مع فرانس برس أنه شاهد في المستشفى عددا من القتلى والجرحى، بعضهم بترت أطرافهم وآخرون أصيبوا بالرصاص.
تسارع منظمات الإغاثة لمحاولة تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية.
وتصل المساعدات أساسا من مصر عبر معبر رفح في جنوب غزة، بعد إخضاعها لتفتيش إسرائيلي دقيق، لكنها تظل غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة للسكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وفي مواجهة الطوارئ الإنسانية، بدأت العديد من البلدان بتنظيم عمليات إنزال جوي للمساعدات، وإنشاء ممر بحري من قبرص، لكنها تؤكد جميعها أن طرق الإمداد لا يمكن أن تحل محل الطرق البرية.
وحملت سفينة “أوبن آرمز” عند مغادرتها قبرص الثلاثاء 300 ألف وجبة أعدتها منظمة “وورلد سنترال كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي) الأميركية غير الحكومية.
وتولى فريق “وورلد سنترال كيتشن” الموجود في غزة بناء رصيف عائم حيث كان يتم تفريغ البضائع في وقت متأخر من بعد الظهر، وفق متحدثة باسم المنظمة.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته “انتشرت لتأمين المنطقة”، مؤكدا أن “السفينة خضعت لفحص أمني كامل”. وأضاف أن دخول المساعدات الإنسانية بحرا “لا ينتهك” الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية على قطاع غزة منذ عام 2007.
في القدس، تجمع عشرات الآلاف في المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة الأولى منذ بدء رمضان دون تسجيل حوادث تذكر، تحت مراقبة مشددة من الشرطة، بينما جرت الصلاة في غزة وسط الأنقاض.
وأفاد صحافيون في وكالة فرانس برس عن عمليات تفتيش مشددة أخضعت القوات الإسرائيلية لها الواصلين الى باحة المسجد حيث بلغ عدد المصلين 80 ألفا، وفق دائرة الأوقاف.
أمام تعنت المعسكرين، فشل الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون في تأمين اتفاق هدنة كما كانوا يأملون قبل شهر رمضان.
لكن يبدو أن حماس عدلت موقفها. وأعلن أحد قياداتها لوكالة فرانس برس الجمعة أن الحركة مستعدة للإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، على “أن تفرج إسرائيل عن 20 الى 30 أسيرا فلسطينيا مقابل كل محتجز إسرائيلي”. وتطالب الحركة بالإفراج عن 30 إلى 50 معتقلا فلسطينيا مقابل الإفراج عن كل جندي محتجز لديها.
كما تشمل المرحلة الأولى “الانسحاب العسكري من كافة المدن والمناطق المأهولة في قطاع غزة وعودة النازحين بدون قيود وتدفق المساعدات بما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا”.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الدول الوسيطة تعمل “بلا كلل على سد الفجوات المتبقية” بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
وأبدى البيت الأبيض “تفاؤلا حذرا” بإمكان التوصل الى هدنة، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي “نظهر تفاؤلا حذرا بأن الامور تسير في الاتجاه الصحيح”، لافتا الى أن اقتراح حماس الجديد يندرج “ضمن حدود” ما ناقشه المفاوضون خلال الأشهر الأخيرة.
لكن فيما يتوقع استئناف المفاوضات بشأن الرهائن والهدنة قريبا، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي على “خطط عمل” الجيش لشن هجوم على رفح، حيث يعيش وفق الأمم المتحدة حوالى 1,5 مليون فلسطيني.
وقال مكتب نتانياهو إن “الجيش الإسرائيلي جاهز للجانب العملياتي ولإجلاء السكان”، من دون تقديم أي تفاصيل أخرى حول هذه العملية المعلن عنها منذ فترة وتعارضها الأمم المتحدة ودول عديدة أبرزها الولايات المتحدة.
وأعلن البيت الأبيض الجمعة أنه يريد الاطلاع على خطة إسرائيل في شأن تنفيذ عملية عسكرية في رفح.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي “لم نطلع عليها (الخطة). نرحب بالتأكيد بفرصة الاطلاع عليها”، مؤكدا أن الولايات المتحدة لن تؤيد أي خطة تفتقر إلى اقتراحات “ذات صدقية” بهدف تأمين حماية المدنيين.
قبيل ذلك، قال بلينكن خلال زيارة لفيينا إن واشنطن تريد أن ترى “خطة واضحة وقابلة للتنفيذ” لضمان أن المدنيين “بعيدون من الأذى”.
بتصرف عن (أ ف ب)