يعتبر بعض الناس عملية التبرع بالدم خلال الشهر الفضيل خطرا على صحتهم، لكنها ليست كذلك، حيث تظل عملا تضامنيا نبيلا في جميع الأحوال، ولاسيما خلال رمضان، شهر التقوى والخشوع والكرم، علما أن هذه السنة تعرف نقصا في أكياس الدم، وهو أمر مثير للقلق في مختلف مناطق المغرب، بما في ذلك جهة الدار البيضاء – سطات، وهو وضع يحتم التعبئة الجماعية لإنقاذ الأرواح البشرية.
وفي مواجهة هذا الوضع، ينخرط المركز الجهوي لتحاقن الدم لجهة الدار البيضاء-سطات في مبادرات مبتكرة من خلال شراكات مع مؤسسات عمومية وفاعلين من المجتمع المدني ومشجعي كرة القدم، من بين أمور أخرى.
وفي هذا السياق، تتيح إحدى هذه الشراكات الموقعة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فرصة فريدة للتبرع بالدم والمساهمة في إنقاذ الأرواح البشرية، بعد الإفطار على مستوى المساجد. وتندرج هذه المبادرة في إطار مقاربة القرب، وتروم التخفيف من حدة الوضع المثير للقلق.
وفي هذا السياق، أوضحت مديرة المركز الجهوي لتحاقن الدم لجهة الدار البيضاء-سطات أمل دريد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “في أعقاب العطلة المدرسية الأخيرة والاستعدادات لشهر رمضان، سجل مخزون أكياس الدم انخفاضا كبيرا نتيجة لانخفاض عملية التجميع، حيث إن المخزون منخفض جدا ولا يتجاوز استهلاك 2 إلى 3 أيام”، وهو أقل من الحد الأدنى الموصى به من طرف منظمة الصحة العالمية، المتمثل في 7 أيام.
وأكدت أن مختلف الجهود تهدف إلى التغلب على تحدي الأسبوع الأول من الشهر الكريم الذي يشهد انخفاضا كبيرا في المخزون كل عام.
وتابعت، أنه من خلال الجمع بين قيم التضامن الخاصة بشهر رمضان والمتطلبات الصحية، فإن حملة الجمع في المساجد تقدم استجابة ملموسة وفعالة لنقص الدم، وهو ما يفسر التحسن التدريجي في مستوى المخزون ابتداء من الأسبوع الثاني.
ودعت دريد مرة أخرى إلى تكثيف التبرع بالدم، لأن هذا الأخير لا يوجد في الصيدليات، معربة عن قلقها من” أننا بعيدون عن الطلب الحقيقي في هذا المجال (500-600 كيس يوميا)”.
وأبرزت، في هذا السياق، أهمية رفع مستوى الوعي ونشر ثقافة التبرع بالدم بين السكان، الذين يتبرع منهم أقل من 1 في المائة بالدم، لافتة إلى أن منظمة الصحة العالمية تقدر أن ما بين 1 إلى 3 في المائة من السكان ينبغي أن يتبرعوا بالدم لتغطية احتياجات أي بلد.
وقالت مديرة المركز الجهوي لتحاقن الدم لجهة الدار البيضاء-سطات، في هذا الصدد، إن جهة الدار سطات، حيث تبلغ هذه النسبة 1,45 في المائة، تشكل “استثناء بفضل التواصل واستراتيجية المجموعات المتنقلة والوحدات الثابتة والمتنقلة المنتشرة حاليا بجميع مناطق الجهة”، لكن لابد من القول إن الجهة تمثل أكثر من 36 في المائة من الاستهلاك الوطني، كما أن ارتفاع الطلب يجبر المركز على توزيع ما بين 500 إلى 600 كيس دم يوميا.
وفي هذا السياق، يتوجه العديد من المواطنين المترددين على مساجد الدار البيضاء، بعد صلاة العشاء إلى وحدات جمع الدم المتنقلة، تعبيرا عن تضامنهم وبغية الثواب على هذا العمل التضامني النبيل.
وفي هذا الصدد، أكدت الطبيبة رئيسة مركز تحاقن الدم على مستوى وحدة مسجد الحسن الثاني، هند الزجلي، أن الغاية من تعزيز سياسة القرب هي تعويض زمن التجميع الذي يتم تقليصه خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق باستدعاء قيم التضامن والإحسان، العزيزة على المغاربة بشكل خاص خلال هذا الشهر الفضيل، لزيادة مخزون الدم.
وإذا كانت وتيرة التبرع بالدم قد عرفت تسارعا تدريجيا اعتبارا من الأسبوع الثاني، تضيف السيدة الزيجلي، فإنه من الضروري أن يتم توفير مخزون ثابت من أكياس الدم لتلبية الاحتياجات المتزايدة المرتبطة بشكل خاص بمضاعفات الولادة والأمراض المزمنة وحوادث السير.
وتابعت أنه وبعيدا عن الفوائد الصحية المتعددة للمتبرع، خلافا لما قد يظنه البعض، فإن عملية التبرع بالدم خلال شهر رمضان هي التفاتة نبيلة يعبر من خلالها المواطن عن تضامنه وكرمه تجاه المجتمع، مؤكدة أن المركز يوفر أفضل الظروف الصحية لاستقبال المتبرعين.
وفي ظل هذا الوضع، لابد أن يكون الجميع على وعي بأهمية التبرع بالدم لإنقاذ الأرواح وتعزيز روح التضامن لدى المغاربة والإحسان التي يتميز بها هذا الشهر الكريم.
بتصرف عن (ومع)