ثــقـة تـيـفي
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة نيويورك، عن التأثير غير المتوقع لرحلة المنتخب الوطني المغربي إلى نصف نهائي مونديال قطر، ونتائج ذلك على الاهتمام العالمي بالمملكة، بما يتجاوز المجال الرياضي إلى البحث عبر الإنترنت عن ثقافة البلد والسفر إليه.
و أفادت الدراسة بقيادة المغربي أنس باري، أن “تأثير فلوتي” أو زيادة سمعة المغرب التي يمكن أن يثير أداء فريق رياضي، تحقق بالفعل في المملكة بفضل الإنجاز غير المسبوق لأسود الأطلس في نهائيات مونديال2022.
وكان “دوج فلوتي”، لاعب وسط في فريق بوسطن كوليدج، وقدم تمريرة حاسمة ساهمت في الفوز على جامعة ميامي في نهائي جمع بين الفريقين قبل ما يقرب من أربعة عقود من الزمان، ما أدى إلى زيادة الطلبات المقدمة إلى المدرسة فيما أطلق عليه ” تأثير فلوتي “.
يقول أنس باري، المشارك في معهد كورانت للعلوم الرياضية بجامعة نيويورك والمؤلف الرئيسي للدراسة “لم يكن للمغرب أداء رائع في كأس العالم فحسب، بل خلق أيضًا قصة مقنعة لنفسه لفتت انتباه العالم وحفزت اهتمامًا ملحوظًا بالدولة – بطرق لم تكن متوقعة أو موضع تقدير من قبل”.
ويشير تأثير “فلوتي” الذي شرع باحثو جامعة نيويورك في دراسته في هذا البحث، إلى أن الأداء المتميز للمغرب خلال كأس العالم الأخيرة، ترافق مع زيادة غير مسبوقة في عمليات البحث عن مواضيع غير رياضية تتعلق بالمملكة بنسبة 400٪.
وبحسب الدراسة الجديدة، التي نشرت في البوابة الإلكترونية للمعهد الأمريكي لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات ومقره واشنطن، فقد شملت عمليات البحث فنون الطهي في المغرب وثقافته ومعالمه السياحية، مع استعلامات عن “أفضل وقت لزيارة المغرب” و”التأشيرة إلى المغرب”
بالإضافة إلى ذلك، أنشأ باري، الذي ولد ونشأ في طنجة، وزملاؤه نماذج معالجة اللغة الطبيعية لقياس المشاعر (الإيجابية أو السلبية أو المحايدة) المضمنة في المقالات الإخبارية باللغة الإنجليزية المتعلقة بالمغرب قبل (19 أكتوبر 2022 إلى 19 نوفمبر 2022) وأثناء (20 نوفمبر 2022 إلى 18 ديسمبر 2022) كأس العالم – وهي طريقة شائعة لقياس نبرة التغطية الإخبارية.
و وجدوا أن المشاعر تجاه البلد انتقلت من شبه محايدة في الشهر السابق لكأس العالم إلى زيادة بنسبة 150٪ تقريبًا في المشاعر الإيجابية خلال المنافسة التي استمرت شهرًا.
ورغم أن الزيادة في الاهتمام الإيجابي لم تكن مفاجئة بالنظر إلى الأداء الاستثنائي وغير المتوقع للفريق، فقد كان لها تأثير خارج الملعب.
على وجه التحديد، صمم الباحثون إطارًا يلتقط التأثيرات الشعبية والمعنويات من ثلاث فترات زمنية: 30 يومًا قبل كأس العالم، وفترة 30 يومًا عندما أقيمت كأس العالم، و30 يومًا بعد كأس العالم.
و كما كان متوقعا، زادت عمليات البحث المتعلقة بكأس العالم على وجه التحديد خلال البطولة، والأمر نفسه حدث مع عمليات البحث المرتبطة بالسفر (حيث شهدت “الرباط” و”الدار البيضاء” زيادة كبيرة في شعبية البحث).
وسجلت الدراسة، أن الكسكس و الطاجين حافظا على شعبيتهما المتزايدة بين المأكولات المغربية بعد انتهاء كأس العالم، حيث زادت شعبية الكسكس بنسبة تزيد عن 90% مقارنة بشعبيته قبل كأس العالم، متبوعا بـ “الطاجين” بنسبة زيادة 81%.
و بشكل أكثر تحديدًا، كان فوز المغرب على البرتغال، الذي يمثل تقدمه التاريخي إلى الدور نصف النهائي، بمثابة ذروة الشعبية بنسبة 4527٪، وارتفعت الكلمات المرتبطة دلاليًا بـ “المغربي” بنسبة 3758٪ خلال كأس العالم مقارنة بالفترة السابقة.
بالإضافة إلى ذلك، بدأت العديد من المصطلحات ذات الصلة في الظهور على محركات البحث خلال كأس العالم؛ وشملت “السفر إلى المغرب” و”طعام المغرب” و”عاصمة المغرب”.
وبينما تضاءلت شعبية معظم هذه المصطلحات بعد كأس العالم، حافظت الموضوعات المتعلقة بـ “السفر إلى المغرب” على وجه الخصوص على اهتمام متزايد بنسبة 2356٪ مقارنة بالفترة خلال المنافسة.
يقول باري، الذي يقود الدراسة ” لا نعرف ما إذا كان نجاح كأس العالم قد حفز السياحة بالفعل – لا توجد بيانات عامة متاحة عن السياحة في المغرب – إلا أنه ولّد اهتمامًا بالبلاد خارج نطاق الرياضة”.
ويرجح باري، أن نجاح المغرب في عام 2022 كان له تأثير بالتأكيد على قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بأن تستضيف البلاد كأس العالم 2030. “لكننا نعلم الآن أن مسيرة الفريق أتت بأرباح غير متوقعة” بحسب قوله.