■ ثـــقــة تــيـفي
رشّحت فنلندا أرشيف الباحث الأنثروبولوجي إدوارد ويسترمارك، المحفوظ في مكتبة جامعة أوبو أكاديمي، للإدراج في سجل “الذاكرة العالمية” التابع لليونسكو، تقديرًا لقيمته التاريخية والعلمية في فهم تاريخ المجتمع المغربي في مطلع القرن العشرين.
كان إدوارد ويسترمارك (1862–1939) من الرواد المؤسسين للأنثروبولوجيا الاجتماعية، ويُعد شخصية كلاسيكية في علم الاجتماع الحديث.
وقد أجرى ويسترمارك أبحاثًا ميدانية شاملة أثناء إقامته الطويلة في المغرب، ساهمت في توثيق جوانب دقيقة من الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية والعادات الثقافية والدينية في مناطق متعددة من البلاد، وذلك في فترة اتسمت بتحولات اجتماعية وثقافية عميقة تحت تأثير التوسع الاستعماري.
يضم الأرشيف مواد إثنوغرافية وصورًا فوتوغرافية نادرة توثق أنماط الحياة والعادات والمعتقدات، إلى جانب تسجيلات صوتية تاريخية لنطق اللغة العربية والأمازيغية (تاشلحيت)، تُعد من أقدم ما تم حفظه في هذا السياق.
كما يُبرز الأرشيف العلاقة العلمية والإنسانية التي جمعت بين ويستر مارك ومساعده المغربي الشريف عبد السلام البقالي، وتشهد مراسلاتهما على تبادل معرفي ساهم في توثيق الثقافة المغربية من منظور ثقافتين مختلفتين، مما يشكل نموذجًا مبكرًا للتعاون العابر للثقافات في البحث العلمي.
وتوثق مجموعة ويسترمارك أيضًا ولادة التخصصات الأنثروبولوجيا والسيسيولوجيا الحديثة، وشبكاتها الأكاديمية، وحقائق العمل الميداني الإثنوغرافي في بداياته، إضافة إلى النقاشات العلمية والاجتماعية التي كانت سائدة في تلك الفترة.
يمثل ترشيح هذا الأرشيف مناسبة لتكريم العلاقة التاريخية بين المغرب وفنلندا. ويُنتظر أن يُعزز هذا الاعتراف الدولي مكانة المغرب كفضاء غني بالتنوع الثقافي والبحث الأكاديمي.
