عبد الرحيم هومي: المغرب معرض بشدة لخطر التصحر

يحل اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف غدا الثلاثاء تحت شعار “إصلاح الأراضي، وإطلاق العنان للفرص”، وبهذه المناسبة، حاورت وكالة المغرب العربي للأنباء المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، عبد الرحيم هومي، حول تأثير الجفاف والتصحر على البيئة في المغرب، والعوامل الرئيسية المؤدية لتدهور التربة، فضلا عن المبادرات المتخذة للحد من تداعيات هذه المشكلة.
نص الحوار كما أوردته الوكالة:


1- بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر، ما هو تقييمكم لحجم هذه الظاهرة في المغرب؟ وما هي المناطق الأكثر تضررا؟

يشكل اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف مناسبة هامة لتحسيس الرأي العام بأحد أكثر التحديات البيئية إلحاحا في وقتنا الحالي. كما يتيح الفرصة لتسليط الضوء على الجهود المبذولة للحد من هذه الظاهرة، أو على الأقل، التخفيف من آثارها.

ومن المهم الإشارة إلى أن التصحر ليس مشكلة مقتصرة على المغرب، بل يشكل تحديا كبيرا على المستوى العالمي. ففي الواقع، تتسارع وتيرة تدهور الأراضي، مما يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويهدد الأمن الغذائي والمائي والاجتماعي.

والمغرب، بالنظر إلى موقعه الجغرافي ومناخه، معرض بشدة لخطر التصحر، حيث تخضع أكثر من 95 في المئة من أراضيه لمناخ جاف أو شبه جاف، مما يزيد من تأثره بالتصحر وآثار الجفاف. ويتفاقم هذا التأثر بفعل الضغوط البشرية المتزايدة، مثل الاستغلال المفرط للموارد، والزراعة المكثفة، والرعي الجائر، والتوسع العمراني العشوائي.

وتتأثر بعض المناطق، لا سيما بجنوب وشرق ووسط البلاد، بشكل خاص جراء تدهور الأراضي، وتراجع الغطاء النباتي، والانخفاض المقلق في منسوب المياه الجوفية. وفي ظل هذا الوضع، تظل مكافحة التصحر أولوية استراتيجية تتطلب تعبئة جماعية ومستدامة ومتعددة القطاعات.

2-  ما هي العوامل الرئيسية التي تسهم في تدهور التربة وتفاقم ظاهرة التصحر في المغرب؟


ينتج تدهور التربة في المغرب عن عدة عوامل مترابطة، أبرزها تغير المناخ: فارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التقلبات في وتيرة التساقطات، وتزايد موجات الجفاف يضعف النظم البيئية الطبيعية. وتؤثر هذه الاضطرابات المناخية على تجدد الغابات، وإنتاجية التربة، والتنوع البيولوجي، من خلال التسبب في فقدان بعض التشكيلات النباتية.

وتتفاقم هذه العوامل بفعل ضغوط بشرية رئيسية، كالإفراط في استغلال موارد الغابات والمراعي، والرعي الجائر، وإزالة الغابات، والزراعة غير المستدامة، والتوسع العمراني العشوائي، مما يتجاوز بكثير قدرة البيئة الطبيعية على التجدد.

وفي الوقت الحالي، يتم استغلال الموارد الطبيعية بوتيرة تفوق وتيرة تجددها بمرتين إلى ثلاث مرات. ويتجلى الاختلال المتزايد للتوازن الهيدرولوجي في انخفاض حاد في منسوب المياه الجوفية وإجهاد مائي واسع النطاق، مما يؤثر على الأراضي الغابوية، ويهدد تجددها الطبيعي، ويزيد من تعرضها للتآكل والاضمحلال.

ومن بين أكثر المؤشرات إثارة للقلق هو تدهور الأشجار الذي يؤثر على ما يقرب من 10.000 هكتار من جميع الأنواع، مع هيمنة أشجار الصنوبر (حوالي 50 في المئة من المساحة المعنية). ويصاحب هذا التلف استنزاف الشجيرات، وتراجع التنوع البيولوجي، وتقلص الغطاء الغابوي.

3- ما هي الاستراتيجيات المعتمدة للحد من تدهور التربة وضمان حماية البيئة لفائدة الأجيال المقبلة؟

اعتمد المغرب عدة استراتيجيات وطنية تهدف إلى الحد، بشكل مستدام، من تدهور التربة، وفي مقدمتها استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، التي يشرف عليها قطاع الفلاحة، وتروم إرساء نموذج فلاحي مستدام ومقاوم للتغيرات المناخية، يشمل الحفاظ على الموارد من التربة والمياه، وتنويع الزراعات، وتشجيع الزراعة الغابوية، إلى جانب تأهيل المراعي.

كما يشكل المخطط الوطني للماء ركيزة أساسية لمواجهة الإجهاد المائي، وضمان تدبير مندمج للموارد المائية عبر تعبئة الموارد التقليدية وغير التقليدية، وترشيد استعمال المياه في المجال الفلاحي، والحد من ضياع المياه في شبكات التوزيع.

وفي السياق ذاته، تم إطلاق برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي، بهدف تحسين ظروف عيش الساكنة الهشة، وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة آثار التصحر، لاسيما من خلال تسهيل الولوج إلى الماء والكهرباء والخدمات الأساسية والبنيات التحتية القروية.

وتحتل السياسة الوطنية للسدود مكانة مركزية ضمن هذه الجهود، إذ تساهم في تخزين الموارد المائية بشكل استراتيجي، إلى جانب الحماية من الفيضانات، مما يعزز تأمين المناطق الأكثر عرضة للجفاف.

وتساهم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بدورها في التخفيف من الضغط على الموارد الطبيعية، من خلال دعم التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين الدخل، بما يوفر بدائل مستدامة للساكنة القروية في المناطق الهشة.



4- ما هي المبادرات التي أطلقتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات لمكافحة التصحر والتخفيف من آثار الجفاف؟ وما هي التدابير المتخذة لاستصلاح التربة المتدهورة؟

في إطار استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030″، أطلقت الوكالة الوطنية للمياه والغابات برنامجا وطنيا طموحا لإعادة التشجير وتجديد الغابات، يهدف إلى استصلاح 600 ألف هكتار في أفق سنة 2030. ويأتي هذا البرنامج استجابة لتحديات تدهور التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية.

وتشمل التدابير الملموسة المتخذة تعزيز استعمال الأصناف المحلية المعروفة بقدرتها على الصمود، مثل الأرز، والعرعار، والأركان، والبلوط الفليني، إلى جانب اعتماد تقنيات موفرة للماء كأنظمة الري الموضعي .

كما يتعلق الأمر بتحسين سلاسل إنتاج النباتات الغابوية عالية الجودة، من خلال انتقاء أفضل للبذور وتبني تقنيات غابوية مبتكرة، إلى جانب توظيف التكنولوجيا الرقمية لتجويد التخطيط وتتبع وتقييم عمليات التشجير.

وتسهر الوكالة كذلك على تعزيز وتسريع وتيرة برامج إعادة التشجير واستصلاح الغابات، لتحقيق هدف مضاعفة المساحات المغروسة سنويا لتنتقل من 50 ألف إلى 100 ألف هكتار سنويا في أفق 2030، مع إيلاء الأولوية للأصناف الغابوية الأصلية والمقاومة للظروف المناخية المحلية.

وينضاف إلى ذلك، إرساء إطار للتدبير التشاركي من خلال الإشراك الوثيق للساكنة المحلية عبر التعاقد مع منظمات تنمية الغابات الم حدثة على مستوى الجماعات الترابية، بما يضمن استعمالا مستداما للموارد، خاصة في مجال الرعي، بهدف التصدي لظاهرة الرعي الجائر.

كما تم تطوير آليات تحفيزية تشمل أنظمة التعويض عن الخدمات البيئية، وتشجيع مناصب الشغل الخضراء، بهدف الحفاظ على النظم البيئية الغابوية، وتعزيز المراقبة، وتطوير أنشطة بديلة مثل السياحة البيئية وتثمين المنتجات الغابوية غير الخشبية.

المصدر: (ومع) بتصرف

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version