نجاة الربيعي
دعا الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أمس الأربعاء، إلى إعادة تفعيل الأنظمة المؤسسة لمراقبة ورصد مختلف أشكال العنف في المدرسة والإبلاغ عنها، مع إنشاء قاعدة بيانات محددة ووضع مؤشرات مهمة لرصد الظاهرة ككل.
وأكد في كلمة له خلال ندوة دولية تحت عنوان “العنف في الوسط المدرسي : المعارف والسياسات والممارسات”، منظمة من طرف المجلس بشراكة مع منظمة (اليونسيف)، أنه يتعين “التعامل مع العنف المدرسي من خلال إجراءات تأديبية ومراقبة أكثر ملاءمة للوقاية من التصرفات المشينة ومعالجة انتهاكات القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال، وذلك بطريقة أكثر جدية وفعالية”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “دمج موضوع مكافحة العنف في المدارس كمحور أساسي في عملية إصلاح النظام التعليمي، يتطلب الالتزام بالمعالجة المتبصرة والعميقة لأسباب الظاهرة وكل تجلياتها بهدف احتوائها في جميع المراحل والمستويات الدراسية، مما يتطلب بذل مجهودات خاصة تتوخى التحسيس و رفع مستوى الوعي بين جميع الفاعلين حول ضرورة حظر جميع أشكال العنف في المدارس”.
ولفت المالكي الانتباه إلى أن النظام التعليمي مقبل على تحولات كبرى في المستقبل تمليها التطورات المتسارعة في المعرفة والتكنولوجيات”، مشيرا إلى أن المجلس مدعو إلى القيام بدور التعبئة لجميع الفاعلين من أجل تنمية المدرسة الجديدة ، وهو ما دفع إلى تناول المجلس بشراكة مع اليونيسف، يضيف المتحدث ذاته، موضوع العنف في الوسط المدرسي كظاهرة مقلقة تحول دون تحقيق الأهداف المرسومة لتحقيق المدرسة الجديدة كما نريدها جميعا ذات أثر مهلك على توازن مجتمعنا، خاصة داخل مدارسنا مما يؤثر بشكل مباشر على مستقبل أطفالنا.
وأشار رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى أن هناك محاولة لفهم الظاهرة بشكل أفضل، وتقييم تأثيرها على جودة التعلم وعلى المناخ المدرسي من أجل وضع سياسات عمومية فعالة وقابلة للتنفيذ في هذا المجال”، مبرزا أنه من ّالمفترض في النظام التعليمي أن المدرسة توفر بنية آمنة للمعرفة والتعلم والتنمية الشخصية باعتبارها فضاء يجب أن يشعر فيه جميع الفرقاء، من التلاميذ والمعلمين والموظفين التربويين وأولياء الأمور، بالأمان والاحترام والدعم المتواصل”.
وأضاف المالكي قائلا إن “الواقع غالباً ما يختلف عن هذه الصورة حيث أن الدراسة رصدت في المؤسسات التعليمية، في كثير من الأحيان، مظاهر مختلفة للعنف من ترهيب ومضايقة واعتداء وتحرش عبر الإنترنت، وتمييز وقد تصل حد الاستبعاد الاجتماعي التي تؤثر على بيئة التعلم وتضر بسلامة التلاميذ وراحتهم في الوسط المدرسي”، موضحا أن “الأثر السلبي لأعمال العنف قد يتجاوز الضحايا المباشرين ليؤثر حتى على الأطفال الذين يشاهدون هذه الأفعال المشينة، مما يولد جواً من القلق الذي يؤثر لا محال على عملية التعلم، وعلى قدرتهم على التركيز في مسار التعلم، ونقص الثقة بالنفس، بل وقد يؤدي، في نهاية المطاف وفي الحالات القصوى، إلى ظاهرة الهدر المدرسي”.
وذكر المالكي بالدراسة، التي أجرتها الهيئة الوطنية للتقييم بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بدعم من اليونيسف، والتي توصلت إلى أن انتشار ظاهرة العنف في المدارس بالمغرب يقترب إجمالاً من البيانات المسجلة دوليا ويتحدد في مستويات مقلقة وذلك رغم الجهود المبذولة لاحتواء هذه الظاهرة.
وتبين بعض المؤشرات الإجمالية المستخلصة من الدراسة، وفق المصدر ذاته، مدى انتشار هذه الظاهرة في الوسط المدرسي بمختلف الأسلاك الدراسية. من بين هذه المؤشرات تلك المتعلقة بالعنف اللفظي حيث تفيد الدراسة أن التلاميذ الذين تعرضوا لهذا النوع من الإيذاء حسب تصريحاتهم يمثلون نسبة 16 بالمائة في المستوى الابتدائي مقابل 23 بالمائة في المستوى الثانوي، بينما فيما يتعلق بالعنف الجسدي، تتراوح نسبة الطلاب الذين يبلغون عن هذا النوع من العنف من 15 بالمائة في المتوسط في المرحلة الابتدائية إلى 13 بالمائة في المتوسط في المرحلة الثانوية.