يمثل الأشخاص المسنين في المغرب (60 سنة فما فوق) 12,7 في المائة سنة 2023، ويتوقع أن يصلوا إلى 23,2 في المائة في سنة 2050، بحسب المندوبية السامية للتخطيط.
ويضع هذا التحول الديموغرافي، الذي يتسم بتحسن طول العمر، المرتبط بالانتقال من الأسرة الواسعة إلى الأسرة النواة، التضامن والتعايش بين الأجيال على المحك.
إذ تشهد روابط التكافل بين أفراد الأسرة، والتي لا تزال حاضرة في الوسط القروي، تراجعا مع مرور السنين في الحواضر الكبرى، مما يفاقم شعور المسنين بالهشاشة واحتياجاتهم العاطفية والمالية.
وعلى الرغم من أن العديد من المسنين لديهم موارد مالية (معاشات أو غيرها) ويحظون بالدعم العائلي، إلا أن البعض منهم ينطوون على أنفسهم ويستسلمون لأجواء الحزن والوحدة، وهو ما قد يعطي إشارات بالوقوع في براثن “متلازمة الانهيار”.
وبحسب الأخصائية النفسية، أمينة أسكار، فإن “متلازمة الانهيار” يصاب بها المسنون، وتتميز بتدهور عام وسريع للصحة البدنية والذهنية، وتتجلى في فقدان الشهية والوزن والضعف وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والانسحاب الاجتماعي.
وأضافت هذه الأخصائية في العلاقات الأسرية أن فقدان الزوج، أو مواجهة قلق الموت، الذي يتفاقم بسبب الشعور بالوحدة، قد يدفع البعض إلى التخلي عن الحياة، بدل التفاني من أجل التعافي وتوظيف الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة، مبرزة أن الدعم الاجتماعي يظل مهما للغاية للحفاظ على رفاه وجودة حياة المسنين، إذ يعزز الشعور بالأمان ويساعد على تخفيف آثار التوتر.
وإذا كانت المتلازمة قد ترسخت بالفعل، تتابع الأخصائية، فإن ولوج المستشفى يصبح ضروريا للتمكن من تتبع الشخص المعني عن كثب وإخضاعه لرعاية متعددة الأشكال.
ولتعزيز قدرة هذه الفئة المجتمعية على الصمود، والحفاظ على توازنها النفسي ومساعدتها على تحقيق الرفاه و عيش “شيخوخة في صحة جيدة”، فإن المسنين مدعوون إلى البقاء نشطين اجتماعيا والانخراط في ممارسات جديدة تتكيف مع رغباتهم وقدراتهم التي تحفز الدماغ والذاكرة والتركيز وتهدئ النفس.
في حوارها مع وكالة المغرب العربي للأنباء، تقدم الأخصائية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية، أمينة أسكار، قراءتها حول الشيخوخة وتصورها في المجتمع المغربي، وتطرح التداعيات الحاسمة للشيخوخة على المسنين، مبرزة أهمية الدعم الاجتماعي ومساهمة الأجيال المتعددة في ضمان رفاهية هذه الفئة المتنامية من الساكنة.
- في نظركم كيف يتم تصور الشيخوخة في السياق المغربي؟
يتقاسم السياق المغربي مع العديد من البلدان الأخرى تمثلات الشيخوخة التي تتمحور حول كيانين مختلفين جذريا: من ناحية، صورة كبار السن النشطين والحيويين، المنخرطين في المجتمع؛ ومن ناحية أخرى، الشخص المسن المعتمد على الغير والمقعد واللامبالي.
وفي المغرب، حيث يضطلع الإطار الديني بدور رئيسي، ي نظر إلى الشيخوخة على أنها المرحلة التي يتسم فيها الإنسان بالمزيد من الحكمة والاحترام، بما في ذلك تجاه كبار السن.
- ما هي النظرة التي يحملها المسن عن المجتمع وعن نفسه؟
هذه المرحلة من الحياة، التي نقطة بدايتها لدى كثير من الناس هي “التقاعد”، تتكون من مرحلتين رئيسيتين، ترتبط بهما صورتان متعارضتان: من جهة، صورة المتقاعد النشيط الذي يستمتع بالحياة؛ ومن جهة أخرى، “المسن المعال” الذي يعاني من الوحدة والذي يجب “العناية به”.
- كيف تعيش هذه الفئة من السكان هذه المرحلة الجديدة من الحياة؟
من الواضح أن “الشيخوخة” لها انعكاسات لا رجعة فيها على إدراك العمر النفسي والجسدي والاجتماعي، الأمر الذي يتطلب حتما بذل جهود للتكيف والتقويم وإعادة التأطير.
إن الفجوة بين جسد الشخص المسن ونفسه، أو ما نسميه “العمر الذاتي” (الميل إلى الشعور بأنه أصغر سنا من عمره الحقيقي) تتطلب تعديلا يصعب أحيانا تطبيقه.
وإذا كان السياق المغربي يضمن بيئة إيجابية إلى حد ما لصالح المسنين بفضل الدعم الاجتماعي والأسري، فمن الواضح أن بعض الناس يسقطون في حالة من الاكتئاب إلى حد فقدان زخم الحياة؛ وهذا ما يسمى “متلازمة الانهيار”.
- ما هي متلازمة الانهيار وما هي أعراضها؟
تحدث متلازمة الانهيار عند كبار السن وتتميز بتدهور عام وسريع في الصحة البدنية والعقلية. ويتجلى في فقدان الشهية والضعف وفقدان الوزن وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والانسحاب الاجتماعي.
وقد يدفع فقدان الزوج، أو مواجهة قلق الموت، الذي يتفاقم بسبب الشعور بالوحدة، البعض إلى التخلي عن الحياة، بدل التفاني من أجل التعافي وتوظيف الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
- كيف يمكن لكبار السن الحفاظ على التوازن بين الصحة الجسدية و العقلية؟
تتمثل أهداف شيخوخة بصحة جيدة في الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، وتجنب الاضطرابات، والبقاء نشطين ومستقلين. بالنسبة لمعظم الناس، يتطلب الحفاظ على صحة عامة جيدة بذل جهد متزايد مع تقدمهم في السن.
وهذا ينطوي، من بين أمور أخرى، على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية. ويعاني كبار السن الذين يحافظون على الاتصالات الاجتماعية (بما في ذلك الأنشطة الخارجية) من مشاكل صحية أقل. بالإضافة إلى ذلك، يظل الدعم الاجتماعي مهما للغاية للحفاظ على رفاهية وجودة حياة كبار السن وتعزيز تقدير الذات.