بعد نزاع امتد أكثر من 13 عاما، شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تغييرا جذريا تمثل ببدء هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، هجوما واسعا في شمال البلاد، انتهى بإعلانها دخول دمشق و”هروب” الرئيس بشار الأسد.
في ما يأتي عرض لبضعة أيام أدت الى تغيير لم تعهده سوريا منذ عقود:
أعلنت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) إضافة الى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، بدء هجوم على مناطق تسيطر عليها القوات الحكومية السورية في شمال البلاد انطلاقا من محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل للمعارضة.
أسفرت المعارك عن مقتل 141 شخصا في يوم واحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
حققت الفصائل المعارضة تقدما ميدانيا سريعا نحو حلب، كبرى مدن شمال سوريا وثاني كبرى مدن البلاد. وتمكنت من قطع الطريق الرئيسي بينها وبين دمشق.
وأعلن المرصد أن الفصائل قطعت “طريق دمشق-حلب الدولي (إم 5) عند بلدة الزربة في ريف حلب، إضافة إلى السيطرة على عقدة الطريقين الدوليين +إم 4+ و+إم 5+ عند مدينة سراقب”، ما أدى إلى توقف الطريق الدولي عن العمل بعد سنوات من إعادة فتحه.
وصل المسلحون المعارضون الى أبواب مدينة حلب بعد تقدم سريع في ريف المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وسيطرتهم على أكثر من 50 قرية وبلدة.
رد الجيش السوري المدعوم من روسيا بشن غارات جوية على إدلب ومحيطها.
وبينما أكدت السلطات السورية العمل على صد هجوم الجماعات “الإرهابية”، دعتها موسكو الى “إعادة فرض النظام” في ريف حلب بصورة “عاجلة”.
سيطرت هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على معظم أحياء مدينة حلب إضافة الى مطارها الدولي والمباني الرسمية والسجون.
شن الطيران الروسي غارات جوية كانت الأولى على المدينة منذ استعادت القوات الحكومية السيطرة عليها بالكامل في العام 2016.
تقدمت المعارضة بشكل إضافي في محافظة إدلب وسيطرت على مدينة سراقب.
أصبحت مدينة حلب خارج سيطرة القوات الحكومية السورية بشكل كامل للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، مع استحواذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على كل أحيائها باستثناء الكردية منها.
توعد الأسد باستخدام “القوة” للقضاء على “الإرهاب”، وفق ما أوردت الرئاسة، معتبرا أن “الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيا كان داعموه ورعات ه”.
أسفرت ضربات روسية على إدلب عن مقتل ثمانية أشخاص، بحسب المرصد.
توازيا مع هجوم هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها، تقدمت فصائل مسلحة مدعومة من تركيا للسيطرة على مدينة تل رفعت (شمال) وطرد القوات الكردية منها.
رأى الأسد أن الهجوم في شمال سوريا محاولة “لتقسيم المنطقة.. وإعادة رسم خرائطها”. وقال خلال اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وفق ما أوردت الرئاسة السورية، “ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافا بعيدة في محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد”، مؤكدا أن “التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصرارا على المزيد من المواجهة”.
أكدت طهران وموسكو الدعم “غير المشروط” لدمشق. وقامت طائرات روسية وسورية بقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا على الأقل.
سيطرت هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على مدينة حماة (وسط)، حيث تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد.
بدأ آلاف السكان بمغادرة حمص، ثالث كبرى مدن البلاد، في ظل التقدم الذي تحققه الفصائل المسلحة، مع تجاوز حصيلة أسبوع من القصف والمعارك 700 قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
أعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على مدينة حمص الاستراتيجية، لتقترب بذلك من العاصمة حيث قالت السلطات إنها فرضت “طوقا أمنيا وعسكريا قويا”.
اعتبر قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني أن السيطرة على حمص هي “الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل”، وذلك بعيد إعلان الفصائل توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.
شهد اليوم عينه إعلان الفصائل المعارضة أنها تقترب من دمشق، بينما فقدت القوات الحكومية السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة بجنوب البلاد.
دبلوماسيا، اعتبرت موسكو أنه من غير المقبول أن تتولى “جماعة إرهابية” حكم سوريا، بينما شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعا بين وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا للبحث في تسارع الأحداث في سوريا.
ومع تقدم ساعات الليل، أعلنت فصائل المعارضة أن قواتها بدأت بدخول دمشق.
في الموازاة، أفاد مصدر مقرب من حزب الله اللبناني أن الفصيل الحليف للأسد سحب عناصره من محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري.
أعلنت فصائل المعارضة “هروب” الأسد، و”بدء عهد جديد” لسوريا، بعد دخول قواتها دمشق. وقالت “الطاغية بشار الأسد هرب… نعلن مدينة دمشق حرة”.
من جهته، أعلن رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي استعداده لتسليم المؤسسات الى أي “قيادة” يختارها الشعب.
وأفاق سكان العاصمة على مظاهر ابتهاج مع إطلاق الرصاص في الهواء احتفالا لساعات، مترافقا مع تكبيرات المساجد والهتافات والزغاريد.
أسقط جمع من السوريين تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسد في وسط دمشق، بحسب شريط فيديو لوكالة فرانس برس.
المصدر: (أ ف ب) بتصرف