فيما أثارت تصريحات دونالد ترامب حول التهجير القسري لسكان غزة موجة رفض واستهجان عالمي، انتقلت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى بدء خطط “التنفيذ”.
وأمر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجيش بإعداد خطة تسمح بما أسماه “الهجرة الطوعية” لسكان قطاع غزة.
وقال كاتس “أوعزت للجيش بإعداد خطة تسمح لأي ساكن في غزة ويرغب في المغادرة بالقيام بذلك، إلى أي بلد يرغب باستقبالهم”. وأضاف “ستشمل الخطة خيارات الخروج من المعابر البرية، بالإضافة إلى الترتيبات الخاصة للمغادرة عبر البحر والجو”.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء من أي محاولة لإجراء “تطهير عرقي” في غزة، وذلك غداة اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل الفلسطينيين من القطاع المدم ر وسيطرة واشنطن عليه.
وقال غوتيريش في خطاب أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف إن “جوهر ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف يكمن في حقهم في أن يعيشوا على أرضهم”.
ولفت الأمين العام إلى أن “تحقيق تلك الحقوق ينزلق باستمرار، بعيدا عن المنال”، وفق ما نقل عنه الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة.
وقال إنه في معرض البحث عن حلول، يجب تجنب أي خطوات من شأنها أن تفاقم الوضع، مؤكدا في هذا السياق ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي الأساسية وضرورة تجنب أي شكل من أشكال التطهير العرقي.
ولدى سؤاله تحديدا عن خطط الرئيس الأميركي بشأن غزة، اعتبر دوجاريك أن “أي نقل قسري لسكان يرقى إلى تطهير عرقي”.
وكان ترامب أشار الثلاثاء إلى خطة للسيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى الأردن أو مصر، معتبرا أن الفلسطينيين “سيودون بشدة” مغادرة القطاع الذي دم رته الحرب.
ولقيت تصريحات ترامب استهجانا دوليا واسعا.
ودان الفلسطينيون وقادة البلدان العربية ودول عدة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه، في حين يصر سيد البيت الأبيض على أن “الجميع يحبون” مقترحه.
وأثار هذا المقترح سيلا من ردود الفعل المستنكرة، من حركة حماس والسلطة الفلسطينية إلى البرازيل، مرورا بفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا وإيران وماليزيا وغيره من الدول.
وحذر الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء من أن “أي تهجير قسري للشعب الفلسطيني في غزة أو الضفة الغربية سيكون غير مقبول”.
وفق بيان للرئاسة الفرنسية، اعتبر الرئيسان خلال محادثة هاتفية أن “ذلك سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وعقبة أمام حل الدولتين، وعاملا رئيسيا لزعزعة الاستقرار في مصر والأردن”.
وقال الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع إن “الموقف الأميركي العنصري يتماهى مع موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف في تهجير شعبنا”، مؤكدا أن تصريحات ترامب “محاولة يائسة” لتصفية القضية الفلسطينية.
وأدلى الرئيس الأميركي بهذه التصريحات الثلاثاء بعد استقباله في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي اعتبر أن من شأن هذه الخطة أن “تغير التاريخ”.
وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وصل صباح الأربعاء إلى الأردن للقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن “رفض شديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم”.
لكن الخطة تبدو غير قابلة للتطبيق كما تواجه عوائق شتى، بينها يتمسك الفلسطينيون بأرضهم ومعارضة الدول العربية والقانون الدولي.
والثلاثاء قال ترامب إن سكان القطاع المدمر سيتم نقلهم إلى الأردن أو مصر، على الرغم من معارضة هذين البلدين.
وأشار ترامب إلى سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” استهجانا دوليا واسعا وصدمة عارمة.
وفي خطة تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية ترحيل حوالى مليوني فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترامب إنه سيجعل القطاع المدمر بسبب الحرب مكانا “مذهلا” عبر إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصاديا.
وأكد الرئيس الأميركي الأربعاء أن “الجميع يحبون” مقترحه المتعلق بسيطرة الولايات المتحدة على غزة وترحيل سكان القطاع، وذلك رغم المعارضة الشرسة التي لقيتها هذه الفكرة من جانب الفلسطينيين والعديد من دول الشرق الأوسط والعالم.
ولاحقا، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن اقتراح ترامب يقضي بخروج الفلسطينيين من غزة موقتا ريثما تجري إعادة إعماره.
وشدد على أن اقتراح ترامب “لم يكن معاديا، كان على ما أعتقد خطوة سخية جدا، كان عرضا لإعادة الإعمار وتولي الإشراف على إعادة الإعمار”.
بدوره، أكد البيت الأبيض أن واشنطن “لن تمول إعادة إعمار غزة”.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحافيين أن ترامب قال إن “الولايات المتحدة لن تمول إعادة إعمار غزة. إدارته ستعمل مع شركائنا في المنطقة لإعادة بناء هذه المنطقة”.
كذلك قالت إن “الرئيس لم يتعهد نشر جنود على الأرض في غزة” لكنها أضافت ردا على أسئلة الصحافيين بهذا الصدد أن “الرئيس لم يتعهد ذلك في الوقت الحاضر”.
وليست هذه المر ة الأولى التي يتطرق فيها الرئيس الأميركي إلى ترحيل الفلسطينين من غزة، إذ سبق له وأن دعا في تصريح سابق بعد تسلمه الرئاسة، لنقلهم إلى الأردن ومصر.
ودعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الأربعاء إثر لقاء بينهما إلى إعادة إعمار غزة “بدون خروج” أهلها منها، عبر المضي قدما في مشاريع إزالة الركام وإدخال المساعدات “بوتيرة متسارعة”.
وأكد الملك عبدالله الثاني لدى استقباله عباس رفض بلاده “أية محاولات” لضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة وتهجير سكانها.
وقال بيان صادر عن الديوان الملكي إن العاهل الأردني أكد خلال اللقاء “ضرورة وقف إجراءات الاستيطان، ورفض أية محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مشددا على ضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم”.
كذلك رفضت السعودية والإمارات وجامعة الدول العربية الخطة الأميركية.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن الرياض “لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”، مضيفة “أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون ذلك”.
وذكرت وزارة الخارجية الإماراتية أن أبوظبي “أكدت رفضها القاطع للمساس بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ومحاولة تهجيره”.
وقالت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان إنها وإذ “تعرب عن ثقتها في رغبة الولايات المتحدة ورئيسها في تحقيق السلام العادل في المنطقة، فإنها تؤكد على أن الطرح الذي تحدث به الرئيس ترامب ينطوي على ترويج لسيناريو تهجير الفلسطينيين المرفوض عربيا ودوليا، والمخالف للقانون الدولي”.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الأربعاء أنه “أخذ علما” بمقترح ترامب، مؤكدا أن حل الدولتين هو “المسار الوحيد” لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن “غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية من جهتها أن مستقبل غزة يكمن في “دولة فلسطينية مستقبلية” وليس في سيطرة “دولة ثالثة” على القطاع.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني على ضرورة تمكين الفلسطينيين من “العودة إلى ديارهم” في غزة.
وصرحت ألمانيا، ردا على ترامب، أن قطاع غزة “ملك للفلسطينيين”.
من جهته ذكر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بأن ترحيل سكان أي أرض محتلة محظور تماما، قائلا إن “الحق في تقرير المصير هو مبدأ أساسي في القانون الدولي ويجب أن تصونه جميع الدول، وهو ما أعادت محكمة العدل الدولية مؤخرا التأكيد عليه”.
واعتبر المفو ض الأممي السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن مشروع السيطرة على غزة “مفاجئ جدا”.
بالمقابل، تعهد الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأربعاء العمل على أن يتم “بشكل نهائي دفن الفكرة الخطرة” المتمثلة بإقامة دولة فلسطينية.
من جهتها، وصفت منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية خطة ترامب للقطاع بأنها “مجنونة”.
أما منظمة العفو الدولية “أمنستي” فاعتبرت أن خطة ترامب “مروعة” و”غير قانونية”، معربة عن قلقها إزاء الطابع “التحريضي” لتصريحات سيد البيت الأبيض.
المصدر: وكالات