المجلس الاقتصادي يوصي بالإبقاء على حق الأفراد وهيئات المجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام

قدم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد القادر أعمارة، الثلاثاء، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، مخرجات رأي المجلس حول “مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 28 من القانون التنظيمي رقم 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

وجاء ضمن توصيات المجلس، حسب بلاغ صادر عنه، الإبقاء على حق الأفراد وهيئات المجتمع المدني في التبليغ عن الجرائم الماسة بالمال العام، مع إحاطة هذا الحق بما يلزم من تدابير لتحصينه من الاستعمالات غير المسؤولة، وذلك تكريسا لانخراط المغرب دوليا في محاربة الفساد، وتعزيزا لدور المجتمع المدني، وحماية للمال العام من كل تبديد أو اختلاس، مع العمل على فعلية الآليات التي تمكن الأشخاص الذاتيين والمعنويين من تقديم التبليغات والشكايات بخصوص المخالفات الإدارية والمالية، وذلك على غرار الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التي تضطلع بمهام التحقيق والتحري، وإحالة الملفات إلى النيابة العامة عند الاقتضاء.

وذكر المصدر ذاته أن أعمارة، أكد في كلمة أمام اللجنة، أن مشروع القانون رقم 03.23 يندرج في سياق ورش إصلاح منظومة العدالة، الذي يحظى بعناية موصولة وتوجيهات ملكية سامية، لما يشكله من دعامة جوهرية لدولة الحق والمؤسسات، وضمانة أساسية لصون الحقوق والحريات، وحماية المصلحة العامة، والنظام العام، وأمن المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات.

وأضاف أن مشروع القانون رقم 03.23 يشكل خطوة نوعية في اتجاه تجسيد الالتزامات الدستورية للمملكة، وتعزيز ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع المعايير الدولية المرتبطة بشروط المحاكمة العادلة.

كما شدد على أن مراجعة قانون المسطرة الجنائية ستحقق مقاصدها على الوجه الأمثل إذا تم إدراجها في إطار سياسة جنائية متكاملة تنبع من الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، وذلك وفق برمجة وآجال محددة، مع رصد الاعتمادات المالية والإمكانيات والموارد الضرورية لتنزيل الإصلاح.

وعقب ذلك، يضيف البلاغ، قدم عضو المجلس ومقرر الموضوع، خليل بنسامي، عرضا لمضامين رأي المجلس حول “مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية”.

وفي هذا السياق، وقف المجلس، وهو ينصت إلى فعاليات الجسم القضائي والجمعوي، على عدد من الملاحظات والاقتراحات، من أبرزها جدوائية وضع قانون جديد للمسطرة الجنائية، جملة وتفصيلا، (التعديلات شملت حوالي 56 في المائة من القانون الحالي)، والحرص على أن تكون مراجعة قانون المسطرة الجنائية في تساوق مع مراجعة القانون الجنائي، وفي إطار الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة.

كما شملت هذه الملاحظات والاقتراحات الحاجة الموضوعية إلى إسناد تشريعات السياسة الجنائية بدراسات الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمالي، والتقييم القبلي، وإشراك الفاعلين وعموم المهتمين من المواطنات والمواطنين، ووضع السياسة الجنائية بحصر المعنى ضمن مقاربة أشمل تضم السياسات العمومية التي من شأنها معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية للجريمة وتجفيف منابع الانحراف والجنوح (إصلاح المنظومة التعليمية، وتطوير السياسات الاقتصادية، والارتقاء بالسياسات الاجتماعية).

وعليه، يقترح المجلس جملة من التوصيات الرئيسية، لا سيما ضمان التطبيق الصارم والممنهج لمبدأ قرينة البراءة، مع الحرص على احترام حقوق المواطنات والمواطنين وصون كرامتهم في مختلف مراحل المسار القضائي، وتقوية مقاربة النوع الاجتماعي من خلال سن بروتوكولات مسطرية خاصة بالبحث والتحقيق في الجرائم الماسة بالمرأة بسبب جنسها.

ومن بين التوصيات أيضا الانسجام الأمثل للمقتضيات الخاصة بالأحداث (الأطفال) في قانون المسطرة الجنائية مع أحكام الدستور والتزامات المملكة الدولية في مجال حماية حقوق الطفل، وتعزيز دور الأسرة والمؤسسات التربوية والمساعدة الاجتماعية في المواكبة الاجتماعية والنفسية، وكذا توفير وتهيئة أماكن إيواء كافية للأحداث الجانحين ومراكز متخصصة في التربية وإعادة الإدماج.

كما تضم التوصيات تسريع التحول الرقمي لمنظومة العدالة من خلال دمج الرقمنة في جميع البنيات التحتية والإجراءات، بما في ذلك المجال الجنائي، وتيسير التبادل الرقمي للوثائق، وذلك من أجل إضفاء المزيد من الشفافية والتبسيط على المرفق القضائي، واعتماد السجل الاجتماعي الموحد لتحديد أهلية الاستفادة من المساعدة القضائية في القضايا الجنائية للأشخاص ذوي الموارد المحدودة.

وتهم أيضا العمل، وبشكل استعجالي، على تدارك النقص الحاد في عدد القضاة مقارنة مع العدد الكبير للقضايا المعروضة، وتكوين القضاة في الاستخدام المستنير للتكنولوجيات الذكية، خاصة الذكاء الاصطناعي، في البحث في النصوص القانونية وقواعد الاجتهاد القضائي، وفي المساعدة في اتخاذ القرار وصياغة الأحكام والتقارير، بما يسهم في تعزيز الكفاءة وتحسين أداء منظومة العدالة.

وتشمل كذلك تعزيز الدور الموكول للقضاء في ردع الجرائم البيئية، أولا، بإلزام مختلف القطاعات المتدخلة في البيئة بتبليغ النيابة العامة عند حدوث الجرائم الماسة بالبيئة، وثانيا بوضع مساطر وإجراءات تراعي خصوصية الجرائم البيئية، وتضمن الانسجام بين النصوص التشريعية المختلفة في هذا المجال.

المصدر: (ومع) بتصرف

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version