ثقة تيفي .
شهد المغرب تحسنًا طفيفًا في مؤشر حرية الصحافة لعام 2025 الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، حيث ارتقى من المرتبة 129 إلى 120 من أصل 180 دولة، محققا زيادة في درجته الإجمالية من 45.97 إلى 48.04.
ورغم هذا التقدم العددي، فإن التحديات التي تواجه الصحفيين لا تزال قائمة، لا سيما المستقلين منهم، الذين يواجهون بيئة إعلامية معقدة وضغوطا متزايدة.
ووفقًا للتقرير الصادر اليوم الجمعة، فقد سجّل المغرب تحسنا في معظم المؤشرات الفرعية، أبرزها المؤشر السياسي الذي صعد من المرتبة 119 إلى 97، والمستوى الاقتصادي من 135 إلى 115، إلى جانب تحسن في المؤشر التشريعي من 128 إلى 117. كما شهد المؤشران الاجتماعي والضماني تقدما محدودا.
وعلى المستوى الإقليمي، احتل المغرب المرتبة الثانية في شمال أفريقيا بعد موريتانيا، متقدما على الجزائر وتونس وليبيا، في مشهد إعلامي يظل متباينا عبر المنطقة.
غير أن هذا التقدم لم يخفف من المخاوف التي عبرت عنها منظمة مراسلون بلا حدود بشأن القيود المفروضة على حرية التعبير. ويستمر الضغط على وسائل الإعلام المستقلة، فيما يُنظر إلى التعددية الإعلامية الظاهرة على أنها شكلية ولا تعكس التنوع الحقيقي للرأي السياسي في البلاد.
تشير منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن التحدي الأكبر يبرز في السياق السياسي منذ صعود حزب التجمع الوطني للأحرار إلى رئاسة الحكومة عام 2021، حيث كثف رئيس الحكومة عزيز أخنوش من استخدام القضاء والأدوات المالية للضغط على الصحافة.
وتتعرض المؤسسات الإعلامية المنتقدة لقيود مالية خانقة، فيما تستفيد وسائل الإعلام الموالية من دعم سخي، ما يعمق التحالف بين المال والسلطة ويقيد قدرة الصحفيين على الكشف عن قضايا الفساد في الشأن العام.
ورغم أن الدستور المغربي يكفل حرية التعبير ويمنع الرقابة المسبقة، إلا أن القوانين المعمول بها، ولا سيما قانون العقوبات، تسمح بمحاكمة الصحفيين بسبب مضامين تعتبر نقدية.
ورغم إلغاء العقوبات السالبة للحرية بموجب قانون الصحافة لسنة 2016، فإن غياب الضمانات القانونية واستقلالية القضاء يدفع العديد من الصحفيين إلى تبني الرقابة الذاتية. وقد شكل حل المجلس الوطني للصحافة واستبداله بلجنة مؤقتة عام 2023 انتكاسة في مسار التنظيم الذاتي للقطاع.
اقتصاديا، تعاني وسائل الإعلام من بيئة غير مواتية، حيث يصعب جذب الإعلانات، وتجد المنصات المستقلة صعوبة في الاستمرار ضمن سوق تهيمن عليه وسائل مدعومة حكوميا. وتنعكس هذه الأزمة المالية على قدرة وسائل الإعلام على تطوير محتواها وضمان استمراريتها.
ثقافيا، يُظهر الجمهور المغربي اهتماما بوسائل الإعلام المستقلة دون أن يدافع عنها فعليا، ما يحد من تأثيرها ويجعلها عرضة للمضايقات. وتستغل بعض المنصات الإعلامية هذا الفراغ لنشر محتوى مثير لا يحترم الخصوصية، وغالبا ما يسيء إلى صورة المرأة.
وقد أثار الإفراج عن صحفيين مثل توفيق بوعشرين وعمر راضي وسليمان الريسوني بموجب عفو ملكي في يوليو 2024 بعض الأمل، إلا أن الضغوط تتزايد مع اقتراب انتخابات 2026. ويواصل رئيس الوزراء ووزير العدل استهداف الصحفيين، مما يضع مستقبل حرية الصحافة في المغرب أمام مفترق طرق حساس.