رغم مرور ما يقارب نصف قرن على وفاتها، عادت الروائية البريطانية الشهيرة أغاثا كريستي إلى دائرة الضوء من بوابة غير تقليدية، إذ ظهرت مؤخرًا في صورة رمزية رقمية لتدريس دورة في فن الكتابة على منصة “بي بي سي مايسترو”، التي تُشبه من حيث الفكرة منصة “MasterClass” العالمية.
تُقدَّم الدورة الافتراضية بصوت كريستي ولهجتها البريطانية المميزة، مستندة إلى نصوص أُعدّت بدقة من قبل فريق أكاديمي باستخدام أرشيفها الأدبي ومقابلاتها التاريخية. وتم تجسيد ملامح الكاتبة الشهيرة بواسطة الممثلة فيفيان كين، مع توظيف تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي، وذلك بموافقة كاملة من ورثتها.
تُعد أغاثا كريستي (1890 – 1976) من أعظم كتّاب الجريمة في التاريخ، وتُلقب بـ”ملكة الجريمة”. كتبت أكثر من 80 كتابًا، واشتهرت بشخصياتها الأيقونية مثل المحقق هيركيول بوارو والآنسة ماربل، وحققت أعمالها مبيعات تجاوزت مليارَي نسخة حول العالم.
في تصريح رسمي، أوضح مايكل ليفين، الرئيس التنفيذي لـ”بي بي سي مايسترو”، أن المشروع لا يهدف إلى “إعادة إحياء” الكاتبة، بل إلى تقديم تمثيل رقمي يحترم إرثها، مشددًا: “هذا ليس تزييفًا عميقًا، بل إعادة تمثيل مبنية على كلماتها وأفكارها”.
لكن رغم الإعجاب الواسع بالمبادرة في الأوساط الأدبية، أثار المشروع جدلاً أخلاقيًا متصاعدًا، خاصة في ظل تنامي النقاش حول استخدام الذكاء الاصطناعي لإحياء شخصيات راحلة.
وعبّرت البروفيسورة كاريسا فيليز من جامعة أكسفورد عن قلقها، قائلة: “إنها لم تنطق بهذه الكلمات، وبالتالي يبقى الأمر بمثابة تزييف، حتى وإن كان مقصودًا به التكريم”.
وبين مؤيد ومعارض، تفتح عودة كريستي الرقمية الباب أمام تساؤلات جوهرية بشأن حدود الإبداع، وحقوق المؤلفين، ومسؤولية استخدام التكنولوجيا في إعادة تشكيل الذاكرة الثقافية.