ثقب سد المسيرة: إنجاز هندسي مغربي محوري في اجتماعات بنك التنمية الأفريقي بأبيدجان

ثقة تيفي

أعلن بنك التنمية الأفريقي أن المشروع المغربي الرائد لثقب سد المسيرة وتزويد مدينة مراكش بالماء الصالح للشرب سيكون من بين المحاور المركزية للنقاش في اجتماعاته السنوية، التي ستنعقد في أبيدجان من 26 إلى 30 ماي 2025، تحت شعار “جعل رأس المال الإفريقي يعمل بشكل أفضل من أجل تنمية إفريقيا.”

ويأتي تسليط الضوء على هذا المشروع النموذجي، الأول من نوعه في إفريقيا، بفضل طابعه الابتكاري والتقني الفريد، الذي مكن من إنشاء مدخل جديد للمياه بسد المسيرة – ثاني أكبر خزان مائي في المغرب – لتلبية احتياجات أكثر من مليوني نسمة في مدينة مراكش، في سياق يتسم بتزايد الضغط على الموارد المائية بفعل التغيرات المناخية والنمو الحضري المتسارع.

يتم تنفيذ الجزء الرئيسي من المشروع على بعد 120 كيلومتراً من مراكش، حيث قام المهندسون بحفر فتحة داخل جدار السد، الذي تبلغ سعته حوالي 2.6 مليار متر مكعب من المياه. وستُنقل المياه المنبعثة من هذا المدخل عبر خط أنابيب بمعدل تدفق 7 أمتار مكعبة في الثانية نحو مراكش.

وجد المهندسون أن التثقيب المباشر لجدار السد هو الحل الأفضل لسحب المياه من الخزان، غير أن حفر الفتحة وتركيب مدخل المياه كان تحدياً هندسياً بالغ التعقيد، يُنفذ لأول مرة في إفريقيا.  فقد تطلّب الأمر استخراج قلب خرساني يزن 100 طن من السد، إضافة إلى إنشاء قناة بقطر 2.5 متر وعمق 10 أمتار داخل الجدار الخرساني المسلح، ما استدعى دراسات متقدمة لضمان عدم التأثير على السلامة الهيكلية للسد.

ولتأمين ظروف الحفر، تم تركيب هيكل رئيسي للعزل المائي تحت الماء – وهو سد معدني بارتفاع 40 متراً ووزن يفوق 250 طناً – بهدف منع تسرب المياه وضمان سلامة عمليات الحفر. وقد أشرف على إنجاز هذه الأشغال المعقدة خبراء مغاربة ودوليون، إلى جانب عشرات المهندسين والغواصين والفنيين، الذين عملوا على مدى أشهر في ظروف دقيقة ومتطلبة.

وأكدت إدارة البنك أن هذه المبادرة تمثل معيارًا جديدًا للهندسة المدنية في القارة الإفريقية، وستكون موضوع ورشات تقنية وعروض تطبيقية خلال الاجتماعات المقبلة، بهدف تقاسم الخبرات وتعزيز الابتكار المائي في مواجهة الإجهاد المائي الذي يهدد الأمن المائي في عدة مناطق إفريقية.

وقد تم تمويل المشروع ضمن برنامج بقيمة 150 مليون يورو بدعم من بنك التنمية الأفريقي، في إطار شراكة استراتيجية انطلقت بين المغرب والبنك منذ السبعينيات، شملت تمويل مشاريع في قطاع المياه بأكثر من 1.5 مليار دولار.

ويعكس إدراج هذا المشروع في صلب جدول أعمال الاجتماعات السنوية للبنك الاهتمام الدولي المتزايد بالحلول المغربية المبتكرة في تدبير المياه، كما يعزز مكانة المملكة كنموذج مرجعي في اعتماد سياسات فعالة ومستدامة للأمن المائي على الصعيد القاري.

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version