من المرجح أن يكون هاتفك قد أصابك فعلا بـ”النوموفوبيا” .. فماذا تعرف عن ذلك؟ 

لا يستوعب كثيرون كيف للهاتف المحمول أن يكون مصدر اضطراب نفسي، وكيف أن كل الخدمات الجليلة والجميلة التي يقدمها لنا طيلة اليوم وتشكل وجهه المشرق تخفي وجها آخر نتضرر منه بشكل خطير دون وعي منا بذلك. 

وهذه المفارقة تجعل الحديث عن أضرار الهاتف المحمول حديثا غير مرغوب من طرف كثيرين. فما هي حقيقة الأضرار النفسية التي يتسبب فيها الاستعمال غير الصحي للهاتف المحمول؟ وماهي الطريقة الصحية لتفادي تلك الأضرار والاستمرار في الاستفادة من مختلف الخدمات التي تقدمها لنا هواتفنا؟

الـ”نوموفوبيا”؟

أصبح الهاتف المحمول أكثر شيء ملتصق بالأشخاص اليوم، وأصبح التردد عليه وتصفحه سلوكا لا ينضبط بزمان ولا بمكان. 

وحسب الموقع المتخصص في تكنولوجيا الاتصال wearesocial  يبلغ عدد مستعملي الهاتف عبر العالم 5.44 مليار مستعمل مطلع سنة 2023، أي قرابة 68% من البشر. ويبلغ معدل المدة التي يقضيها المستعملون في الانترنيت يوميا 6 ساعات و37 دقيقة، علما أن 92.3% منهم يلجون الشبكة العنكبوتية عبر هواتفهم الذكية، حسب نفس المصدر.

ونتج عن الاستعمال اليومي للهاتف المحمول ارتباط نفسي به يجعل كثيرين يشعرون بالضيق إذا انفصلوا عن هواتفهم بسبب النسيان أو حال دون استعمالهم له مانع مثل ضعف التغطية بالأنترنيت أو فراغ بطاريات هواتفهم، أو عطب تقني وغير ذلك.

وفي كثير من الحالات يؤدي عدم تمكن المستعملين من استعمال هواتفهم إلى التوتر والقلق بشكل يتعدى الحدود المعقولة التي يمكن تبريرها بضياع بعض مصالحهم.   

وهذه الحالة، حسب ما نقلته مصادر قناة الحرة عن مجلة “بي إم سي للطب النفسي”، تعرف باسم “نوموفوبيا” وهي اختصار لعبارة (no mobile phone phobia) أي “رهاب الابتعاد عن الهاتف”، بحسب ما نقلته شبكة “سي إن بي سي”.

وحسب نفس المصدر ذكرت دراسة نشرتها المجلة، في يوليو، أن “النوموفوبيين” هم أولئك الذين يظهرون إدمانا على هواتفهم الذكية.

ويضيف نفس المصدر أن الذين يعانون من هذه الحالة تظهر عليهم أعراض تشبه ما يحصل للمدمنين عندما يحاولون الإقلاع عن إدمانهم أو أولئك الذين يعيشون اضطرابات التوتر، حسب الشبكة الأميركية، التي ذكرت أن بعضها يشمل: 

  • التوتر 
  • سرعة الاستفزاز 
  • التعرق 
  • انعدام التركيز 
  • تغير في نمط التنفس 
  • Tachycardia، أو ما يعرف بارتفاع سرعة دقات القلب

أسباب وتبعات النوموفوبيا

وفقا للبحث المنشور في مجلة “بي إم سي للطب النفسي”، وفق المصدر السابق، فإن المراهقين هم أكثر فئة متأثرة بالـ “نوموفوبيا”، إلا أن الحالة قد تصيب أي فئة عمرية أخرى.

وتقول الطبيبة النفسية، ميشيل لينو، للشبكة إن السبب الرئيسي لإصابة البعض بهذه الحالة تعود إلى اعتمادنا الكبير على الهواتف الذكية. 

وتوضح “نحن ملتصقون بهواتفنا، وللعديد من الأسباب نعتبرها كمبيوتراتنا المصغرة، نستخدمها للعمل والحفاظ على تواصلنا مع عائلاتنا”. 

وتضيف “عندما لا يتاح لنا استخدامها عند رغبتنا بذلك، نشعر بالتوتر، لأننا نخشى أن يفوتنا أمر ما، لدينا وضعية تفكير تخبرنا بأن هواتفنا تتيح لنا التواصل بكل الأمور في كافة الأوقات”. 

ويشير الطبيب النفسي، بليز ستيل، إلى أن بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالـ “نوموفوبيا”، وبعض العوامل التالية، إن توافرت لديك، قد تساهم في ذلك: 

  • قلق مسبق 
  • قلة الثقة بالنفس 
  • صعوبة في تنظيم المشاعر 
  • نمط غير صحي بالتعلق 
  • قلة العلاقات الشخصية 

وتشير لينو إلى أنه عندما يبدأ الشخص بالتعلق بشكل مفرط وغير صحي بهاتفه فإن ذلك قد يؤدي إلى آثار سلبية في نواح أخرى في حياته، إذ يمكن للهاتف أن يُشغِل المرء عن تنفيذ بعض الأمور الهامة، كالعمل أو الدراسة. 

كما أن “انعدام التركيز طوال الوقت يعد غير صحي بتاتا للعلاقات.. نحن نضحي بسعادتنا وحتى بصحة (تلك) العلاقات لأننا نهتم بهواتفنا بشكل أكبر”. 

هل يمكن التخلص من “النوموفوبيا”؟

لحسن الحظ، حسب المصدر السابق، يمكنك أن تخلص نفسك من الإدمان على الهاتف عندما تدرك بأنك تعاني فعلا من “النوموفوبيا”. ويمكن الاستعانة بالتوجيهات التالية:

  • خصص لنفسك مساحة للاسترخاء دون الاستعانة بهاتفك
  • حاول أن تبتعد عن هاتفك لساعة على الأقل، في البداية، قد يساعدك إطفاؤه كليا على ذلك. 
  • اترك هاتفك في المنزل أو ضعه جانبا عند ذهابك للمتجر أو المشاركة في نشاط ما. 
  • ارتد ساعة كي تطلع على الوقت، كي لا تضطر إلى النظر لهاتفك 
  • استخدم تقويما أو دفترا لتخطيط النشاطات المستقبلية 
  • ابحث عن هوايات جديدة تسمح لك بالانفصال عن هاتفك وتركه جانبا 
  • اطلع أكثر على “النوموفوبيا” لتتعرف على أعراض الحالة وما يمكن أن يحفزها 
  • واجه الأفكار السلبية التي قد تراودك جراء الابتعاد عن الهاتف 
  • ذكّر نفسك بأن كل شيء سيكون على ما يرام إن وضعت هاتفك جانبا لبعض الوقت 
  • تدرب على التركيز الكامل للذهن “mindfulness” من خلال تمارين التأمل وتنظيم التنفس للتعامل مع التوتر والقلق
  • في الحالات المستعصية، تواصل مع مختص بالطب النفسي 

كيف صنف العلماء “النوموفوبيا”؟

حسب “الكونسلتو” لم يتم إدراج Nomophobia في الإصدار الأخير من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، ولم يقرر خبراء الصحة العقلية بعد معايير التشخيص الرسمية لهذه الحالة، ومع ذلك من المتفق عليه عمومًا أن هذا الرهاب يمثل مصدر قلق للصحة العقلية، حتى أن بعض الخبراء اقترحوا أنه يمثل نوعًا من الاعتماد على الهاتف أو الإدمان.

ويعتبر النوموفوبيا رهابًا حديثًا، من المرجح أن ينبع ذلك من الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، لم يكتشف الخبراء بعد سببًا محددًا للإصابة، ولكن يعتقدون أن عدة عوامل يمكن أن تسهم في ذلك ومنهم ما يلي:

– قد يلعب الخوف من العزلة دورًا في تطور الرهاب، إن عدم الرغبة في تجربة هذه الوحدة يمكن أن يجعل الشخص يرغب في إبقاء الهاتف قريب منه في جميع الأوقات.

– يمكن أن يؤدي التعايش مع القلق بشكل عام إلى زيادة خطر الإصابة بالنوموفوبيا.

– الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية قد تكون عامل محفز للإصابة بالنوموفوبيا.

– قد تلعب العوامل الوراثية أيضَا دور في ذلك.

– تميل بعض الشخصيات إلى الإصابة بذلك الرهاب أكثر من غيرها مثل المراهقين، الذين يعانون من فقدان الثقة بالنفس، من يعاني من الاكتئاب أو القلق العام.

كيف يتم علاج النوموفوبيا؟

وحسب نفس المصدر، يمكن أن يساعد العلاج عادةً في معالجة أعراض الرهاب، قد يوصي المعالج الخاص بك بالعلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالتعرض.

+ العلاج السلوكي المعرفي

يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تعلم كيفية إدارة الأفكار والمشاعر السلبية التي تظهر عند التفكير في عدم امتلاك الهاتف، يعتمد ذلك العلاج على التعرف على المخاوف الحقيقية التي يشعر بها الفرد والتعامل معها عن طريق تبني بعض السلوكيات الصحيحة، ويجب أن يتم تحت إشراف مختص.

+ علاج التعرض

يساعد علاج التعرض على تعلم مواجهة الخوف من خلال التعرض التدريجي له، إذا كان لدى الشخص المصاب نوموفوبيا فسوف يعتاد ببطء على تجربة عدم امتلاك الهاتف قد يبدو هذا مخيفًا في البداية خاصةً إذا كان بحاجة إلى أن يظل على التواصل مع أحبائه، يتم على يد متخصص.

قد يحتاج البعض لتناول بعض العقاقير المهدئة والمضادة للاكتئاب في بعض الأحيان إذ يرى الطبيب المعالج حاجة إلى ذلك لمعالجة بعض الأعراض المصاحبة.

المصادر: قناة الحرة + “الكونسلتو” + wearesocial

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version