أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي الجمعة أنها ستسمح “مؤقتا” بإدخال مساعدات انسانية إلى شمال غزة المهدد بالمجاعة، وذلك بعد ساعات على تحذير حليفتها الولايات المتحدة من تغيير حاد في سياساتها الداعمة للحرب في القطاع.
وخلال محادثة هاتفية الخميس سادها التوتر واستمرت 30 دقيقة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل ستكون رهن حماية المدنيين وعمال الإغاثة في غزة، في أول تلميح لتغيير محتمل في اشتراطات الدعم العسكري المقدم من واشنطن، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر.
وبعد ساعات على المحادثة التي جرت ليلا بتوقيت القدس، أعلنت دولة الاحتلال أنها ستفتح المزيد من طرق المساعدات إلى القطاع المحاصر.
وسمحت حكومة الحرب الإسرائيلية بإمدادات مساعدات “مؤقتة” عبر ميناء أشدود ومعبر إيريز البري، وزيادة المساعدات من الأردن عبر معبر كرم أبو سالم، على ما أعلن مكتب نتانياهو.
وسارع البيت الأبيض للترحيب بالخطوات التي قال إنها اتخذت “بناء على طلب من الرئيس” بايدن و”يجب الآن تنفيذها بالكامل وبسرعة”.
وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة بسبب خسائر الحرب المستمرة منذ ستة أشهر على غزة، وتواجه انتقادات متزايدة من داعمها الرئيسي واشنطن.
ومنذ بدء العدوان، أسفر القصف الاسرائيلي والهجوم البري المتواصل عن مقتل ما لا يقل عن 33037 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع، كما أثار تحذيرات من جوع كارثي.
ويضطر أهالي شمال القطاع للاكتفاء بما معدله 245 سعرة حرارية يوميا، أي ما يعادل أقل من عبوة فاصوليا، منذ يناير بحسب منظمة أوكسفام.
وكثيرا ما اتهمت جمعيات خيرية إسرائيل بتقييد المساعدات واستهداف قوافل إنسانية. وبرزت المخاطر التي تتعرض لها جهود تفادي المجاعة هذا الأسبوع مع ضربة جوية إسرائيلية أودت بسبعة عمال إغاثة معظمهم أجانب كانوا ينشطون في مجال توزيع المساعدات الغذائية في غزة.
وقال بايدن لنتانياهو إن “الضربات على عمال إغاثة والوضع الإنساني العام غير مقبول”، بحسب بيان للبيت الأبيض حول المكالمة.
وأضاف البيان أن بايدن “أوضح أن سياسة الولايات المتحدة في ما يتعلق بغزة سيحددها تقييمنا للإجراء الفوري الذي ستتخذه إسرائيل” بشأن وضع حد لأعمال القتل هذه ولتدهور الوضع الإنساني في غزة.
ويواجه بايدن، الداعم لإسرائيل، ضغوطا متزايدة قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، على خلفية تعامله مع حرب غزة. ويضغط عليه حلفاء لجعل مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي ترسلها واشنطن رهنا بإصغاء نتانياهو لدعوات للتهدئة.
وأقر المتحدث باسم المجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي بوجود “إحباط متزايد” لدى بايدن حيال نتانياهو، لكنه أكد مجددا أن الدعم الأميركي لإسرائيل “راسخ”.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد الاتصال بين بايدن ونتانياهو “ما لم نر التغييرات التي نحتاج لرؤيتها (من الجانب الإسرائيلي)، ستحدث تغييرات في سياستنا”.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الضربة على موظفي منظمة “وورلد سنترال كيتشن” “عززت المخاوف المعلنة بشأن عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح، مع التركيز بشكل خاص على ضمان إجلاء المدنيين الفلسطينيين وتدفق المساعدات الإنسانية”.
ويواجه نتانياهو ضغوطا داخلية من عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة ومن عودة التحركات الشعبية المناهضة للحكومة. كما دعا بيني غانتس، عضو حكومة الحرب والمنافس الأبرز لرئيس الوزراء، هذا الأسبوع إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في سبتمبر، وهو ما رفضه حزب الليكود اليميني بزعامة نتانياهو.
في غزة، حول القصف الاسرائيلي المتواصل مساحات واسعة من القطاع الذي يعيش فيه 2,4 مليون شخص إلى أنقاض وتسبب بانهيار نظام المستشفيات وبنقص حاد في المواد الغذائية والماء والوقود وغيرها من السلع الرئيسية.
وفي مدينة غزة أمضى فلسطينيون ليلتهم قرب نقطة تسليم مساعدات أملا في الحصول على كيس دقيق.
وقال أحدهم لوكالة فرانس برس “ننام في الشارع، في البرد، على الرمال، ونتحمل المشقات لتأمين الغذاء لعائلاتنا، وخاصة أطفالنا الصغار” مضيفا “لا أعرف ماذا أفعل أو كيف وصلت حياتنا إلى هذا”.
واتهمت منظمة أطباء بلا حدود الخميس إسرائيل بأنها تدمر بشكل منهجي نظام الرعاية الصحية في غزة.
وتحد ثت المنظمة عن إصابات في البطن والصدر من جراء التعرض للسحق، وعن ضرورة إجراء عمليات بتر للأطراف، مضيفة “علاوة على ذلك، يعاني مرضى من حروق شديدة”.
وقالت أمبر عليان، نائبة مدير برنامج منظمة أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط: “لا يوجد نظام رعاية صحية في العالم يمكنه التعامل مع حجم ونوع الإصابات والظروف الطبية التي نشهدها يوميا.
بتصرف عن (أ ف ب)