■ وفاء الدرقاوي
في عام 2011، عُرض حجر أسود للبيع في المغرب بعد العثور عليه في الصحراء من قبل مجموعة من الصحراويين. لم يكن سوى نيزك نادر قادم من المريخ، ليكشف بعد أكثر من عقد من البحث عن أحد أسراره المذهلة: أدلة على وجود مياه حرارية على الكوكب الأحمر قبل 4.45 مليار سنة.
“بلاك بيوتي”.. كبسولة زمنية من المريخ
حصل النيزك، المعروف علميًا باسم شمال غرب إفريقيا 7034 (NWA 7034) والمُلقب بـ “بلاك بيوتي”، على اهتمام واسع بسبب تركيبته الفريدة بين جميع النيازك المريخية المعروفة. يزن 320 غرامًا، ويحتوي على معادن من أعمار مختلفة، مما يوفر نافذة فريدة على المراحل الأولى من تاريخ المريخ، قبل أن يتحول إلى صحراء جافة التي نعرفها اليوم.
إثبات وجود المياه الساخنة على المريخ
أظهرت الدراسات أن “بلاك بيوتي” يحتوي على نسبة مياه أعلى بعشر مرات من النيازك المريخية الأخرى، مما يشير إلى تفاعله مع المياه عند تشكله. لكن الاكتشاف الأبرز جاء باستخدام تقنيات المجهر المتقدمة، حيث وُجدت حبيبات صغيرة من معدن المغنيتيت (أكسيد الحديد) داخل بلورات الزركون في النيزك.
تدل هذه النتائج على أن الزركون تشكل في بيئة حرارية مائية، أي في وجود مياه ساخنة وظروف مؤكسدة. كما أن المغنيتيت وُجد في مناطق غير متأثرة بالإشعاع، مما يعني أنه تكوّن بالتزامن مع الزركون وليس نتيجة لعمليات جيولوجية لاحقة.
هل كانت الحياة ممكنة على المريخ؟
تشير هذه الاكتشافات إلى أن المريخ امتلك منذ نشأته الأولى بيئة قد تكون صالحة للحياة، على الأقل للحياة الميكروبية. وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع حتى الآن على وجود الحياة هناك، فإن أهمية هذه العينة النادرة تؤكد مدى ضرورة استرجاع العينات المريخية المستقبلية التي تخطط لها كل من وكالة ناسا الأمريكية والصين.
اكتشاف “بلاك بيوتي” يعزز الفرضية القائلة بأن المياه لم تكن فقط موجودة على سطح المريخ، بل ربما لعبت دورًا أساسيًا في تطور بيئته القديمة، مما يفتح آفاقًا جديدة لدراسة إمكانية وجود حياة خارج كوكب الأرض.