الهجوم السيبراني على CNSS تهديد للسيادة الرقمية والثقة الاقتصادية في المغرب

تعرض الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) في المغرب إلى هجوم سيبراني واسع النطاق، مما أثار قلقًا كبيرًا بشأن أمن البيانات وحماية المعطيات الشخصية في المملكة. هذا الهجوم، الذي استهدف إحدى أبرز المؤسسات التي تدير قاعدة بيانات ضخمة تضم معلومات حساسة عن ملايين المواطنين والمقاولات، يُعتبر تحذيرًا خطيرًا يسلط الضوء على الثغرات الأمنية في النظام الرقمي الوطني.

ولعل هذا الهجوم يشكل تحولًا في حرب سيبرانية لا تقتصر على الأبعاد التقنية فقط، بل تمس بشكل مباشر الأمن السيادي والاقتصادي للمغرب.

أبعاد الهجوم السيبراني على CNSS

وصفت الأستاذة ليلى فجاح، الباحثة في الأمن السيبراني بكلية العلوم بجامعة الحسن الثاني، الهجوم بأنه تصعيد خطير في الحرب السيبرانية الموجهة ضد المملكة.

فقد أكدت عبر تدوينة نشرتها على صفحتها في “فيسبوك” أن الهجوم لا يُعتبر حادثًا عارضًا، بل هو جزء من عملية ممنهجة تستهدف البنى التحتية الحيوية في المغرب، مثل أنظمة الحماية الاجتماعية والمالية.

ولفتت إلى أن الاختراق الذي طال قاعدة بيانات نحو مليوني مؤمن و500 ألف مقاولة يكشف عن ثغرات هيكلية وأمنية في المؤسسات المغربية التي يجب معالجتها بشكل عاجل.

فجاح دعت إلى ضرورة اتخاذ تدابير وقائية واستباقية، من خلال تعزيز استراتيجيات الدفاع الرقمي باستخدام تقنيات متقدمة مثل SIEM وXDR، التي تتيح رصد الأنشطة المشبوهة بشكل فوري، وتقديم ردود فعل سريعة وفعالة ضد محاولات الاختراق. كما أوصت بتطبيق خطة تدقيق رقمية شاملة لمراجعة الهيكل الأمني للمؤسسات، وضمان التزامها بالقوانين والمعايير الدولية الخاصة بحماية البيانات.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي الدكتور طلال لحلو من التداعيات الخطيرة التي قد يخلفها هذا الهجوم على الاقتصاد الوطني، وذلك في تدوينة نشرها عبر حسابه على “فيسبوك”.

واختصر لحلو، في تجدوينة على صفحته على فايسبوك، تداعيات الاختراق في تسريب معلومات حساسة عن الأجراء والمقاولات المغربية، بما في ذلك الأجور والتصريحات الشهرية، ما يعرض المؤسسات للمخاطر الأمنية مثل الابتزاز الرقمي، التجسس الصناعي، وبيع البيانات في السوق السوداء.

لحلو أشار إلى أن هذا الاختراق يُعتبر تهديدًا مباشرًا للثقة في المؤسسات العمومية، وهو ما قد يعوق مسار الرقمنة في المغرب، ويُثير تساؤلات جدية حول قدرة الدولة على حماية المعطيات المالية للمواطنين.

وتوقع لحلو أن هذا الحادث قد يؤدي إلى عودة التعاملات الورقية والنقدية في ظل المخاوف من تكرار مثل هذه الحوادث.

تأثيرات على السياسات العمومية

الهجوم السيبراني على CNSS يُثقل كاهل سياسات الحكومة الرقمية، خاصة في ظل المشاريع الاستراتيجية مثل الدرهم الرقمي.

يعكس هذا الهجوم ضعف جاهزية المؤسسات المغربية في مواجهة التهديدات الرقمية، ما قد يعيق تطور الرقمنة في المستقبل.

كما يضيف لحلو أن هذا الهجوم قد يؤدي إلى تراجع الثقة في قدرة المؤسسات الحكومية على حماية البيانات الشخصية للمواطنين، وهو ما يضر بمسار تحديث الاقتصاد المغربي.

فرصة لتقوية الدفاع الرقمي الوطني

رغم الآثار السلبية للهجوم، يرى الدكتور لحلو أن هذه الأزمة قد تكون فرصة لتعزيز الاستثمار في قطاع الأمن السيبراني.

من خلال تبني استراتيجية شاملة للتطوير التقني والإنفاق على البنية الدفاعية الرقمية، يمكن للمغرب أن يعزز من قدرته على مواجهة التهديدات المستقبلية.

يعتقد لحلو أن هذه الأزمة يجب أن تُستغل لتحفيز تطوير قطاع الأمن السيبراني وتعزيز دور المؤسسات الخاصة والعامة في حماية البيانات.

إن الهجوم السيبراني على CNSS يفتح نافذة على واقع تهديدات الفضاء الرقمي التي تواجهها المؤسسات المغربية، ويُعتبر دليلاً على ضرورة تسريع تحديث منظومات الحوكمة الرقمية.

كما يُبرز أهمية التصدي للأخطار السيبرانية باستخدام تقنيات متطورة واعتماد استراتيجيات استباقية لمواكبة التحولات الرقمية العالمية.

يتعين على المغرب في ظل هذه التحديات، أن يُعيد النظر في سياساته الأمنية الرقمية لضمان حماية سيادته الرقمية والحفاظ على ثقة المواطنين في مؤسساته العمومية.


وفاء الدرقاوي

المصدر: تدوينات الأستاذة ليلى فجاح والدكتور طلال لحلو عبر صفحتيهما على الفيسبوك.

أضف تعليقك

Leave A Reply

11
استطلاع الرأي

من ترشح للفوز بكأس افريقيا

التواصل الاجتماعي
Exit mobile version