رويترز: الطموحات الاقتصادية لترامب في السعودية تطغى على ملف التطبيع مع إسرائيل

يصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إلى العاصمة السعودية الرياض في أول زيارة رسمية له منذ عودته إلى البيت الأبيض، وسط استقبال رسمي فخم وترقب لصفقات استثمارية قد تبلغ قيمتها تريليون دولار. غير أن آمال ترامب في تحقيق تقدم في ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل تصطدم بواقع الحرب المستعرة في قطاع غزة.

وقالت مصادر خليجية وأمريكية إن مسؤولين أمريكيين يمارسون ضغوطًا دبلوماسية هادئة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار، وهو أحد الشروط الأساسية التي وضعتها الرياض لاستئناف محادثات التطبيع.

ورغم تصريحات ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، حول اقتراب إحراز تقدم في توسيع اتفاقيات إبراهيم، فإن موقف نتنياهو الرافض لإنهاء دائم للحرب أو قبول قيام دولة فلسطينية يُعقّد إمكانية إحراز أي اختراق في العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

وأكد ستة مسؤولين سعوديين وأمريكيين أن ملف التطبيع لم يعد محورياً في المحادثات الثنائية، وجرى فصله فعلياً عن المسائل الاقتصادية والأمنية التي ستتصدر جدول أعمال الزيارة، ومنها صفقات الأسلحة، ومشاريع ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والبنية التحتية.

ويأمل ترامب، بحسب مصادر مطلعة، في الحصول على التزام سعودي باستثمارات بقيمة تريليون دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، بعدما أبدت الرياض استعدادها لتوسيع استثماراتها في السوق الأمريكية.

ويأتي ذلك في وقت تعمد فيه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى استخدام نفوذها الاستثماري كورقة ضغط لتعزيز مصالحها السياسية والأمنية، وسط حرب غزة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 52 ألف فلسطيني، وتشريد نحو مليوني نسمة، بحسب أرقام أممية.

وقال دنيس روس، المبعوث الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “لن يعيد الانخراط في ملف التطبيع قبل وقف الحرب وتحديد مسار موثوق لإنشاء دولة فلسطينية”.

وبحسب مصادر خليجية، قد يكشف ترامب خلال زيارته عن إطار أمريكي جديد لإنهاء الحرب، يشمل حكومة انتقالية وترتيبات أمنية في غزة ما بعد الحرب، وهو ما قد يمهد لاحقاً الطريق لمحادثات تطبيع متوقفة منذ أكتوبر 2023.

وفي مؤشرات على تغيّر في المقاربة الأمريكية، أكدت المصادر أن إدارة ترامب تفصل حالياً بين محادثات التطبيع والتعاون في الملف النووي المدني، واستئناف مناقشات الاتفاق الدفاعي المصغر مع المملكة، والذي تم طرحه في أواخر عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وتحمل زيارة ترامب إلى المنطقة أبعاداً أوسع تتعلق بإعادة تأكيد النفوذ الأمريكي في الخليج، في ظل تمدد نفوذ الصين. فبعد حضور جنازة البابا في روما، تشمل جولة ترامب كلاً من قطر والإمارات، وسط جهود لمواجهة الحضور الصيني المتصاعد في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

وكانت أول زيارة خارجية لترامب خلال ولايته الأولى قد بدأت من الرياض في عام 2017، وأثمرت عن الإعلان عن استثمارات سعودية بقيمة 350 مليار دولار. واليوم، يعول الرئيس الأمريكي على علاقاته المتينة مع ولي العهد لإبرام صفقات تُسوّق داخليًا على أنها انتصارات اقتصادية للولايات المتحدة.

ووفق مصادر في قطاع الطاقة، سيحث المسؤولون الخليجيون ترامب على تخفيف القيود التنظيمية الأمريكية التي تعيق تدفق الاستثمارات، في وقت تسعى فيه الصين بقوة لاستقطاب رأس المال الخليجي في إطار رؤيتها التوسعية.

ويبدو أن ترامب يدرك أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن يتحقق عبر صفقات أو مراسم استقبال فاخرة. فكما قال الباحث روبرت موجيلنيكي، “التطبيع مسألة أعقد بكثير من مجرد بسط السجادة الحمراء والإعلان عن صفقات استثمارية”

المصدر: رويترز

أضف تعليقك

Leave A Reply

Exit mobile version