عزيزة الزعلي
قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، اليوم الاثنين، إن المعهد العالي للقضاء الذي أنشا عام 1962 بإرادة الملك الراحل الحسن الثاني برحاب المشور السعيد، كون مجموعات من القضاة، كانوا دعامة وعماداً للقضاء في المغرب المستقل، وساهموا في تحقيق ما كان لازماً لدعم سيادة الدولة بمغربة القضاء وتعريبه وتوحيده سنة 1965.
واعتبر أن تسليم رئاسة مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء، بينه وبين وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، “ليس مجرد إجراء شكلي، ولكنه قرار سياسي عظيم، أرادت به الدولة المغربية دعم أسس استقلال القضاء، وتمكين السلطة القضائية الناشئة من الأدوات الضرورية لإنجاح الإصلاح العميق والشامل للقضاء، الذي يقوده جلالة الملك رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس الدولة بحكمة وأناة وتبصر”.
وتابع أن خيار إسناد مهام الإشراف على تكوين القضاة، للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كان نتيجةٌ حوار انتهت إليه توصيات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة خلال سَنَتي 2012 و2013، باعتباره مظهراً من مظاهر استقلال السلطة القضائية، وعنصراً ضرورياً لتأهيل الأطر القضائية.
وقد صدر المرسوم رقم 587-69-2 بإنشاء المعهد الوطني للدراسات القضائية ابتداء من سنة 1969. وتنقل بين عدة مقرات من وزارة العدل بساحة المامونية إلى حي المحيط بالرباط، ثم إلى مقره الحالي، والذي تحول بدوره إلى المعهد العالي للقضاء سنة 2002، وأصبح مؤسسة عمومية.
وكان المعهد باختلاف مسمياته المذكورة، جزءا من هيكلة وزارة العدل، أو تحت وصايتها إلى غاية صدور القانون رقم 37.22 الذي وقع نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 7 شتنبر 2023، والذي نقل الإشراف على المعهد العالي للقضاء إلى السلطة القضائية المحدثة سنة 2017.
و تحدث عبد النباوي عن حصيلة ما حققه المعهد خلال 61 سنة من وجوده، حيث كون بين 1962 و1969، ما يناهز 612 قاضياً، و45 فوجاً مرقماً من الملحقين القضائيين منذ سنة 1975، بالإضافة إلى أفواج أخرى تخرجت قبل الشروع في الترقيم بين 1969 و1974.
فيما بلغ العدد الإجمالي للقضاة المتخرجين من المعهد إلى أكثر من 7000 قاضٍ، استفادوا من التكوين الأساسي، وأكثر من 467 قاضٍ استفادوا من التكوين التخصصي، فضلاً عن استفادة عدة آلاف من القضاة من التكوين المستمر في مختلف المهارات وتقنيات الحكم وفض المنازعات.
كما ساهم المعهد في تكوين قضاة عسكريين من بين ضباط القوات المسلحة الملكية، وقضاة أجانب ناهز عددهم 272، ينتمون لـ 12 دولية شقيقة. ويباشر حالياً تكوين الفوجين 46 و47 للملحقين القضائيين، واللذين يضمان 550 من قضاة المستقبل القريب إن شاء الله.
كما ساهم المعهد في التكوين الإعدادي لـ 6899 من موظفي العدل، والتكوين التخصصي لـ 346 إطاراً، وتكوين 788 مكوناً، فضلاً عن استفادة 47.330 موظفاً آخرين من التكوين المستمر، والتكوين الأساسي لـ 1087 من المفوضين القضائيين و1304 من العدول.
وسيولي مجلس إدارة المعهد، الذي أعاد القانونُ رقم 37.22 تشكيله، اهتماماً بالغاً لبرامج التكوين والعلوم ذات الراهنية التي من شأنها أن تؤهل القضاء الوطني لمسايرة المنظومة الاقتصادية والحقوقية الكونية فضلا عن حمايته لثوابت المملكة وحقوق وحريات الأشخاص والجماعات وحفظ ممتلكاتهم.
وأناط المشرع بالمعهد العالي للقضاء في حلته الحالية، والمتمثلة في التكوين الأساسي والتخصصي والمستمر للقضاة ولفئات المهنيين والموظفين المعينين بالسلك القضائي، والتكوين على الإدارة القضائية، فضلاً عن القيام بالدراسات والأبحاث والنشر في مختلف الميادين القانونية والقضائية، والتي يمكن أن يستفيد منها كذلك قضاة أو مستمعو العدالة الأجانب، هي مهام تستوعب حاجيات التأهيل القضائي وتنمية القدرات ودعم المهارات المهنية.
وعقب حفل تسليم السلط، الذي حضرته شخصيات حكومية ورؤساء مؤسسات دستورية وقضائية، وشخصيات تمثل هيئات وطنية ودولية، انعقد الاجتماع الأول لمجلس إدارة المعهد برئاسة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفق التركيبة الجديدة المحددة بمقتضى القانون الجديد المتعلق بالمعهد العالي للقضاء.
وستمكن مجلس إدارة المعهد وإدارته من فتح أوراش خلاقة في مجالات التكوين والتأطير، بدءً من ضبط المقررات وبرامج التكوين، وتنظيم دوراته، واختيار أطر التدريس، وتحسين طرقه وتنويع وسائله.
و كذلك من فتح أبواب المعهد لقضاة الدول الإفريقية الصديقة فضلاً عن قضاة الدول العربية الشقيقة، نهجاً على مسار التعاون جنوب جنوب الذي خطه جلالة الملك لمختلف السياسات العمومية المغربية.