مع كل صيف، بين شهري يونيو ويوليوز، يتدفق عشرات الآلاف من سكان الهند الذين يعانون الربو وغيره من أمراض الجهاز التنفسي، إلى مدينة حيدر آباد، لابتلاع سمكة حية صغيرة محشوة بمعجون عشبي أصفر.
وهو علاج تقليدي مؤلف من سمكة محشوة بمعجون عشبي «سري» لا تمتلك سوى عائلة واحدة فن صناعته في الهند، وذلك أملا في التخلص من حِدة أعراض الربو المزمنة.
ويقال وفقا للأسطورة، إنه في عام 1845 قدَّم قديس متجول أسرار تركيبة عجيبة من الأعشاب إلى رجل يعيش في مدينة حيدر آباد القديمة، وأمره بتقديمها لمرضى الربو مجاناً.
ومنذ ذلك الحين، حافظ أحفاد الرجل المسمى جود فييرانا، المعروفون باسم آل بثيني، على هذا التقليد، وأبقوا على سر التركيبة العشبية محفوظا بين الأحفاد الذكور فقط، ووصلوا حاليا إلى الجيل الخامس الذي يحافظ على التقليد.
ويزعم المعالجون، وكذلك الذين يتلقون هذا العلاج، أن السمكة الحية من خلال مرورها بالحلق تخفف من حِدة أي بلغم أو احتقان.
وأطلقت عائلة بثيني كلمة «براسادام» على العلاج الذي يقدمونه، والتي تعني ترجمتها الحرفية «عرضاً علاجياً»، بعد أن فازت منظمة محلية هندية تعمل على تبديد المعتقدات الخرافية، بدعوى قضائية تمنع العائلة من وصف العلاج بأنه “دوائي”.
ومع ذلك تحظى هذه الممارسة بالدعم الشعبي، على الرغم من الاعتراضات التي تسجلها المنظمات العلمية وغيرها ممن يقولون إنه لا يوجد دليل وراء صحتها، بل يصفونها بأنها خطيرة.
يشتري الناس أسماكهم من الأكشاك التابعة لـ«إدارة مصائد الأسماك الحكومية» المتوفرة في الموقع.
وعادة ما تكون من فصيلة السردين، فإن لم تتوفر هذه النوعية، تتم الاستعانة بأي سمكة أخرى تعيش في المياه العذبة، بشرط ألا يتجاوز طولها 5 سنتيمترات.
وعلى الرغم من أن العلاج مجاني، فإن كل سمكة تكلف 40 روبية، أو زهاء نصف دولار أميركي.
وبعد وضع السمكة الحية في كيس بلاستيكي مملوء بالماء من قِبل الموظف الحكومي، يتم حملها من قِبل مرافقي المريض إلى مساعد يعمل مع عائلة بثيني؛ تمهيداً لحشو فمها بمعجون عشبي أصفر.
بعد ذلك، ينتظم المريض في طابور يقف في آخره معالِج يساعده على ابتلاع السمكة عن طريق إدخال إصبعه في عمق حلق المريض للتأكد من أنها اتخذت طريقها إلى الأسفل.
يعمد المعالجون التقليديون، في كثير من الأحيان، إلى تثبيت أيديهم على أفواه المرضى لمنع تقيئهم، تزامناً مع تدليك سريع على منطقة الرقبة.
وغالباً ما تهيمن على ساحة العلاج مشاهد من مثل اضطرار الآباء لفتح أفواه أطفالهم الذين تنتابهم نوبات البكاء الهستيرية، في حين يقرص آخرون أنوفهم ويميلون برؤوسهم للخلف مع إغلاق أعينهم، استعداداً لعملية بلع الأسماك الحية. وبعد هضم العلاج، ينصح المعالجون مرضاهم باتباع نظام غذائي صارم مدته 45 يوماً.
ورغم معارضة جماعات حقوقية وأطباء هذا العلاج «غير العلمي»، وعدِّه يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، لكن الحكومة الهندية تنظم حركة قطارات خاصة لمهرجان «طب الأسماك»، كل عام، كما ترسل قوات إضافية من الشرطة؛ لإدارة الحشود وتنظيم حركتها.
المصدر: (أ.ب / الشرق الأوسط بتصرف)