يعاني نصف سكان غزة من جوع “كارثي” بينما يتوقع أن تضرب المجاعة شمال القطاع “في أي وقت” في الفترة الممتدة حتى مايو في غياب أي تدخل عاجل للحؤول دون ذلك، وفق ما جاء في تقييم للأمن الغذائي نشرته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة الاثنين.
انعدام كارثي للأمن الغذائي يهم نصف السكان
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بيث بيكدول لوكالة فرانس برس إن “وجود 50 في المئة من كامل السكان عند مستويات كارثية قريبة من المجاعة، هو أمر غير مسبوق”.
يعادل ذلك نحو 1,1 مليون فلسطيني يعانون “انعداما كارثيا للأمن الغذائي” بسبب عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وفق تقرير “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، وهو الرقم الأعلى الذي يسجله التصنيف الذي يعرف المجاعة على أنها “مواجهة السكان سوء تغذية على نطاق واسع وحدوث وفيات مرتبطة بالجوع بسبب عدم الوصول إلى الغذاء”.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث على منصة “إكس”، “يجب على المجتمع الدولي أن يشعر بالخجل من عدم تمكنه من وقف” المجاعة الوشيكة.
وفي النسخة السابقة من التقرير التي نشرت في ديسمبر، اعتبر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة أن المجاعة “مرجحة” بحلول نهاية مايو في شمال قطاع غزة.
وقال التقرير الذي نشر الاثنين “المجاعة وشيكة في المناطق الشمالية ويتوقع أن تحدث في أي وقت بين منتصف مارس ومايو 2024” ما لم يتم القيام بشيء للحؤول دون حصولها.
ويعد الوضع في شمال غزة صعبا خصوصا. وقالت بيدكول في مقابلة مع وكالة فرانس برس “إذا لم يحصل تغيير في عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، ستحدث المجاعة”.
وأضافت “قد تكون بدأت في الشمال لكننا لم نتمكن بعد من التحقق من ذلك” بسبب عدم إمكان الوصول إلى المناطق المعنية.
وحذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان من أن معايير التصنيف المرحلي المتكامل لإعلان مجاعة لم تستوف تقنيا، لكن “سكان غزة يموتون من الجوع”.
ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن واحدا من كل ثلاثة أطفال في شمال القطاع يعاني سوء تغذية وأن “سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتزايد بوتيرة قياسية”.
وأفادت هبة الطيبي، مديرة منظمة “كير” غير الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة بأن “الطواقم الطبية ترى أطفالا يفقدون الوزن مع مرور الأيام وأطفالا بالكاد يستطيعون التحدث والمشي بسبب الجوع” مضيفة “الجوع موت بطيء ومؤلم”.
“نافذة ضيقة” لمنع المجاعة
والدمار هائل في قطاع غزة، بينما المساعدات الإنسانية تصل بكميات ضئيلة لا تكفي بتاتا حاجات السكان.
وبحسب منظمة أوكسفام غير الحكومية، دخلت 2874 شاحنة إلى القطاع في فبراير، أي ما يعادل “20 % فقط من المساعدات اليومية” التي كانت تدخله قبل 7 أكتوبر.
وأوضح برنامج الأغذية العالمي أنه ما زالت هناك “نافذة ضيقة” لمنع المجاعة. وبالتالي، “نحن نحتاج إلى وصول فوري وغير مقيد إلى الشمال. إذا انتظرنا حتى إعلان المجاعة، سيكون الأوان قد فات وسيموت آلاف آخرون”، وفق سيندي ماكين.
وأشارت بيكدول إلى أن “وقفا إنسانيا فوريا لإطلاق النار” سيتيح “دخول ما يكفي من الغذاء والدواء ومياه الشرب إلى القطاع” لتجنب مجاعة، لكن وقفا للقتال “لا يبدو مرجحا في الأيام أو الأسابيع المقبلة”.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه من أجل تأمين الحاجات الغذائية الأساسية، يجب إدخال “300 شاحنة على الأقل يوميا” إلى غزة، خصوصا إلى الشمال حيث تمكنت المنظمة من نقل تسع قوافل مساعدات فقط منذ بداية العام. ووصلت آخر 18 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية مساء الأحد إلى مدينة غزة.
وفي محاولة لتوصيل المزيد من المساعدات، تنفذ عمليات إنزال جوي لمواد غذائية، وبدأ المجتمع الدولي توصيل إمدادات عن طريق البحر.
لكن هذا الممر الإنساني البحري الذي فتح من قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي والأقرب إلى قطاع غزة بين دول الاتحاد، لا يغي ر الوضع، بحسب بيرث بيكدول التي شد دت على أن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات وتسليمها عن طريق البحر “هي رمزية أكثر من كونها حلا شافيا”.
وزير الخارجية الأميركي يعترف
أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن جميع سكان غزة يعانون من “مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد ” مشددا على الضرورة الملحة لزيادة إيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع الفلسطيني.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي في الفيليبين حيث يجري زيارة رسمية “بحسب أكثر المعايير الموثوقة، يعاني 100% من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو”.
وتأتي تصريحات بلينكن عشية زيارة له إلى الشرق الأوسط، تشمل هذه المرة السعودية ومصر، لمناقشة جهود التوصل لوقف لإطلاق النار وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقال بلينكن مستندا إلى بيانات الأمم المتحدة إن 100 بالمئة من سكان غزة بحاجة إلى مساعدة إنسانية مقارنة ب80 بالمئة في السودان و70 بالمئة في أفغانستان.
وعن دخول المساعدات، قال بلينكن إن “ذلك يؤكد فحسب على أهمية وضرورة أن يكون ذلك الأولوية”.
وأضاف “نحتاج للمزيد ولأن يكون ذلك مستداما، ونريد أن يكون ذلك أولوية إذا أردنا الاستجابة بفاعلية لاحتياجات السكان”.
بتصرف عن (أ ف ب)